رئيس التحرير
عصام كامل

«الأحوال الشخصية».. ١٠٠ عام تكفى.. القانون القديم لم يعد يواكب مستجدات العصر.. تجاهل الخطبة.. عجز عن معالجة ظاهرة انتشار الطلاق.. وتلاميذ محمد عبده أول من وضعوا تعديلاته

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

لا يزال قانون الأحوال الشخصية منذ صدوره عام ١٩٢٠ يثير جدلا كبيرا في المجتمع المصري، وذلك لعجزه عن حل المشكلات التي تواجهها الأسر المصرية، بالإضافة إلى ارتفاع عدد الدعاوى المقدمة للمحاكم، وذلك وسط مطالبات واسعة بتجديد القانون، ومعالجة مواده التي ساهمت في زيادة حجم المشكلات.


وفى عام 1926 تألفت لجنة من المختصين بالمسائل الفقهية من تلامذة الشيخ محمد عبده، ووضعت اللجنة مقترحات تجاوزت المذاهب الأربعة إلى آراء الفقهاء عامة مما هو نافع للأسرة، وارتقى عمل اللجنة إلى الاستنباط من القرآن والسنة حتى ولو ناقض ذلك ما قاله السابقون، وقيدت هذه اللجنة رغبة الرجل في تعدد الزوجات.

تعديلات 2000
وجرت تعديلات في قانون إجراءات التقاضى في مسائل الأحوال الشخصية بالقانون رقم 1 لسنة 2000، وإن كان القانون لم يلب طموح الراغبين في تعديل القوانين المنظمة للعلاقات الأسرية، حتى تصبح أكثر عدلا، وتؤكد قيم المودة والرحمة، التي أكد عليها القرآن الكريم، إلا أنه استحدث بعض النقاط تتعلق بالخلع والطلاق من الزواج العرفي، واستحداث نظام محكمة الأسرة.

مشكلات القانون
وحول مشكلات قانون الأحوال الشخصية أكد الدكتور عبد الحليم منصور، وكيل كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر فرع تفهنا الإشراف، أن القانون الحالى لا يتضمن شروطا أو أحكاما خاصة بمراحل الخطبة، على الرغم من أنه قد ينجم عن الخطبة بعض المشكلات التي يعانى منها كلا الطرفين في حالة فسخها، ومنها تحديد المستحق للهدايا خلال هذه الفترة، والتعويض للضرر كأن تكون المخطوبة أنفقت أموالا لتجهيز نفسها، أو أن تكون الخطبة قد امتدت لسنوات.

وأشار الدكتور منصور إلى أن القانون لم يعالج أيضا ظاهرة انتشار الطلاق، الأمر الذي يؤدى إلى نتائج خطيرة ولها تأثير كبير على المجتمع، ومنها ظواهر الأطفال بلا مأوى، والإدمان وانتشار الجريمة، مؤكدا أهمية التوعية بخطورة الطلاق، وطالب بعدم الاعتداد بالزواج البدعي، وهو أن يقع الطلاق في فترة الحيض أو الخروج منه، وتجريم زواج القاصرات الذي يعد سببا رئيسيا في انتشار الطلاق. كما طالب بالاقتصار على الطلاق الموثق دون الشفهي.

وأضاف أن القانون الحالى يفرض على المرأة في دعاوى التطليق للضرر عبء إثبات الضرر كشرط أساسى للتطليق حتى في حالة الزواج بأخرى، والذي قد تعجز المرأة عن إثباته في حالات كثيرة، مما يهدر حقها القانونى في المطالبة بالتطليق، وطالب بأن تنص التعديلات الجديدة على الاعتداد بشهادة الشهود أو المحاضر الطبية في حالة تضرر الزوجة من ضرب زوجها، وأشار إلى أنه وفقا للقانون الحالى تمتنع مكاتب الصحة عن قبول التبليغ عن المواليد من الأم، وتشترط حضور الأب أو العم أو الجد لأب على الرغم من تقديم الأم وثيقة الزواج وبطاقة الأب وخطاب المستشفى المسجل فيه واقعة الميلاد، مما يساهم في التلاعب بعدم الإبلاغ عن ميلاد الطفل واستخراج شهادة الميلاد له للتنكيل بالأم، واستخدام هذا الحق في الانتقام منها أو إجبارها على إتيان أفعال أو التنازل عن حقوق.

وطالب أستاذ الشريعة والقانون بأن تنص التعديلات على قبول بلاغ الأم بإثبات المولود بشرط امتلاكها وثيقة الزواج فقط، وأوضح أنه من عيوب قانون الأحوال الشخصية الحالى طول إجراءات التقاضى خاصة في قضايا النفقة، والذي يعد أحد أهم عوامل الإرهاق للمرأة والأسرة، فقد تستغرق الدعوى القضائية للمطالبة بالنفقة في أغلب الحالات، سنوات وخلال هذه الفترة تظل المرأة دون موارد، خاصة السيدات الفقيرات، وطالب “منصور” بأن ينص المشرع على فرض نفقة مؤقتة للمرأة حتى يتم الفصل في القضية، كما دعا إلى تسهيل الإجراءات القضائية الخاصة بالتحرى عن دخل الزوج وأيضا إجراءات إعلانه.

النفقة
وأشار إلى محدودية المبالغ المحكوم بها في النفقة، ومحدودية النسب المنصوص عليها للحجز على ذوى المرتبات والمعاشات لاستيفاء دين النفقة وصعوبة التنفيذ على ذوى الأعمال الحرة، وأشار إلى أن عبء الإثبات في جميع قضايا الأحوال الشخصية ملقى على عاتق الزوجة، فعليها إثبات مقدار دخل الزوج في دعاوى النفقات، ليحكم لها القاضى بالنفقة، ثم عليها إثبات قدرته على سداد مبالغ النفقة المتجمدة، وطالب منصور ببحث آلية جديدة ترفع من على كاهل المرأة هذه الأعباء، وأشار إلى أن قانون الأحوال الشخصية الحالى يعطى الحق في الحضانة للأم، ثم للمحارم من نساء المرأة، وجاء الأب في مرتبة متأخرة في ترتيب من لهم الحق في الحضانة، وطالب بتقديم الأب في الحضانة على أم الأم، مضيفا أن الجدة قد تكون فقيرة أو تحتاج إلى من يرعاها.

نص القانون
وينص القانون على أن الحضانة تسقط عن المرأة إذا تزوجت بعد الطلاق، وأكد منصور أنه يجب في حالة تطليق الأم من الزوج الثانى أن تعود لها الحضانة، ولفت أستاذ الشريعة إلى أن حق حضانة النساء ينتهى ببلوغ الصغير أو الصغيرة سن الخامسة عشرة، على الرغم من أن قانون الطفل يحدد سن الطفولة بثمانى عشرة سنة، وطالب بإعداد لجنة لتحديد عمر الطفل في حضانة الأم، وأشار إلى أنه في القانون الحالى لا يرى الأطفال آباءهم إلا في ساحات المحاكم، أو تحت حراسة الشرطة، وفى أماكن غير آدمية، ينفذ فيها الطرف الحاضن قانون الرؤية على الورق فقط، ويمنع الطرف الآخر من حقه من المشاركة في تربية طفله، وأكد أهمية أن ينص المشرع على أن تكون الرؤية في النوادى أو الحدائق للحفاظ على نفسية الطفل، وأكد أن التنظيم التشريعى الحالى قد خلا تماما من وضع جزاء حاسم للتحايل أو الالتفاف على حق الرؤية سواء بمنعه أو تعطيله بأى صورة من الصور، بما يحدث خللا من التوازن التشريعي، كما دعا إلى تشكيل لجنة تضم الخبراء المتخصصين خاصة في علم النفس، لوضع تعديلات قانون الأحوال الشخصية التي تحقق مصلحة الطفل في المقام الأول وتحافظ عليه.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية