العودة للجذور
شرفت بدعوتى لحضور الاحتفالية الكبرى، التي نظمتها وزارة الهجرة وشئون المصريين بالخارج، أمس الجمعة، ضمن مبادرة «إحياء الجذور» أو «العودة للجذور»، وتضمنت تنظيم زيارة لوفد قبرصي يونانى قوامه 120 زائرا، من الجاليتين اللتين عاشتا في مصر، إلى معالم مصر المختلفة، كانت إحداها منطقة الأهرامات الأثرية ومجمع الأديان.
"معى مفتاح الحياة مثلك"، قالتها السيدة اليونانية "فيرنا مينا" لإحدى زميلاتى الصحفيات، وهى تعانقها في مودة بالغة، السيدة فيرنا مينا كانت في مطلع السبعينات من العمر، استأذنّاها أن نلتقط معها صورا للذكرى فرحبت بالقول "أهلا وسهلا" وختمت بالقول "شكرا ليكم أولادي".
لم نشعر مطلقا أنها من جنسية مختلفة أو ما هي ديانتها، استشعرنا بها روح الأمومة والسماحة البالغة، وكذلك كان أغلب أعضاء الوفد، روح مرحة، يتناقشون معنا بحب بالغ لمصر والمصريين.
الجالية اليونانية في مصر كانت أبرز الجاليات الأجنبية من حيث ضخامة العدد والتنوع والثراء في الانتشار، وخلال ثلاثينيات القرن الماضى استقر بالإسكندرية ما يقرب من 36 ألف يونانى تقريبًا، من طبقات اجتماعية مختلفة، منهم أصحاب المصانع، وممارسو الحرف البسيطة، والباعة الجائلون، وأصحاب المتاجر، حيث وجد هؤلاء في مصر حضنا دافئا، ووطنًا.
ولهذا دشن الرئيس عبد الفتاح السيسي مجددا مبادرة "العودة إلى الجذور"، لتسليط الضوء على العلاقات القوية بين الدول الثلاث مصر واليونان وقبرص، لما تتمتع به الدول الثلاث من قيم وثقافات قوية، وعلاقات شعبية يمكن أن تساعد في نشر مفاهيم السلام والازدهار في الشرق الأوسط، من خلال جسور الصداقة والاحترام المتبادل، إذ تهدف تلك المبادرة إلى تكريم القبارصة اليونانيين وأحفادهم من خلال استضافتهم في زيارة إلى مصر، حيث كانوا يعيشون هم وعائلاتهم حتى ثورة 1952، ومنذ ذلك الحين عادوا إلى بلادهم.
وجدت روح هذه العلاقات التاريخية المتأصلة في روح الأم "فيرنا مينا"، والتي اختصرت الكثير من كلمات المحبة عن علاقة الجذور بين الشعبين، والتي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن العلاقات ستظل قوية أبد الدهر.
جاء أسبوع "نوستوس" أو "إحياء الجذور"، للتأكيد على أن الجميع إنما هم أبناء حضارة إنسانية واحدة مهما اختلفت جنسياتهم وديانتهم، حضارة نجحت من قبل في توفير السلام والمحبة والوئام لجاليات ثلاث عاشت على أرض واحدة، أرض مصر، في ضيافة المصريين.