رئيس التحرير
عصام كامل

«نسران بسجلات الشرف».. قصة طيارين جمعتهما البطولة في القوات المسلحة

فيتو

تظل سجلات البطولة للقوات المسلحة المصرية حافلة بقوائم الشرف لأسماء طالما بذل أصحابها العرق والدم في سبيل أمن مصر وحماية ترابها من دنس الطامعين.


«فيتو» ترصد قصة شابين من مصنع الرجال وعرين الأبطال.. نسران من نسور مصر التقيا بالكلية الجوية وكانا من أنبغ طلابها جمعهما حب الوطن وعشق الطيران وبعد تخرجهما في الكلية الجوية عام 68 19 التحقا بالسرب 62 بقاعدة المنصورة الجوية تحت قيادة الطيار البطل محمد زكي عكاشة.

نجحا سويا في تسديد أقوى الضربات للعدو الإسرائيلي وفي إحدى الطلعات استشهد البطل الأول الملازم طيار أحمد جابر السبروت الذي قام بعمليات موجعة للعدو خلال حرب الاستنزاف، حتى استشهد عندما أسقطت طائرته بعد عودته من مهمة لتدمير مراكز للعدو في المحور الشمالي بسيناء عام 1970.

لم ينم بعدها صديقه الملازم طيار طلال سعد الدين وبعد استشهاد السبروت نفذ طلال ضربات جوية عديدة ضد العدو الإسرائيلي وكان لا يهاب الموت حتى أطلق عليه زملاؤه "الطيار الانتحاري"، وتفوق في قصف مواقع العدو بشجاعة فائقة وفي نوفمبر عام 1969 حصل على نوط الشجاعة العسكري تقديرا لقصفه مواقع العدو وتجمعاته ومستودعات ذخيرته في سيناء.

وفي عام 1970 حصل على نوط الشجاعة مرة ثانية تقديرا لشجاعته الفائقة في المعارك الجوية التي خاضها ضد طائرات العدو بعد عملية نفذها في جو عاصف وظروف مناخية صعبة جعلت الرؤية غير واضحة ولم يخطر ببال العدو أنه يمكن لطائرة مصرية أن تغار عليه في تلك الظروف لأن أي طلعة من كلا الجانبين وقتها كان معناها انتحار الطيار وتحطم طائرته قبل أن يحقق أي هدف ولكن البطل طلال حينما صدرت له الأوامر للإقلاع بطائرته لتدمير موقع للعدو لم يتأخر وانطلق بطائرته ووسط هذا الجو شق طريقه على ارتفاع منخفض وشاهد الأشجار والشجيرات على الضفة الغربية للقناة وهى تقتلع من شدة الرياح ولم يثنيه ذلك عن هدفه وانقض على الموقع ودمره وتم قتل من فيه وعاد البطل الطيار طلال سعد الله بسلامة الله إلى ممر القاعدة وسط  فرحة رفاقه الأبطال.

قبل استشهاد طلال بأيام قليلة وكان كعادته في كل عطلة يزور مقابر الشهداء وقبر زميله جابر السبروت وأثناء وجود الرجل المسئول عن حفر المقابر قال له طلال إن شاء الله أنا سأدفن هنا، وأشار إلى مكان بجوار مدفن جابر، وتابع: مش عاوز لما أجى أدفن أﻻقى حد حجز مكانى" وكان وقتها مبتسما.

لم يتخيل عامل المدافن حينئذ أن كلامه صادقا وأنه سيدفنه كما حدد بعد زيارته بأيام بجوار صديقه.

كانت البطولة الحقيقية للبطل المقاتل أنه عندما يخير الإنسان ما بين الحياة أو الموت في سبيل الله والوطن فيختار خير ختام مبتسما راضيا الموت والشهادة.

الشهيد البطل طلال سعد الله رفض أن يقفز ويستسلم لليهود بعد إصابة طائرته وقرر أن ينقض عليهم بها مشتعلة فيقتل من يقتل ويصيب من يصيب ونال الشهادة يوم 21 أبريل عام 1970 ليلحق بركب الأبطال في الجنة رافعًا رأسه عاليا مقبل غير مدبر في محاربة العدو وأطلق عليه العدو الطيار الكاميكازي نسبة إلى الطيارين اليابانيين في الحرب العالمية الثانية الذين كانوا ينفذون عمليات انتحارية بالدخول بطائراتهم في أهداف العدو وقتها.
الجريدة الرسمية