«الشرارة الأولى» لا تكفي النساء
لم تقنع النساء بانتصارات حققنها خلال الأشهر الماضية، منذ انكشاف فضيحة منتج هوليوود النافذ هارفي واينستين، ومع سيل اعترافات الضحايا لفضح المغتصبين والمتحرشين حول العالم استجابة لحملة "مي تو"، التي شارك فيها أشهر نجمات العالم في الفن والميديا، واندفاع العامة للإدلاء بتجاربهن المريرة، تعدى الأمر إلى إقدام بعضهن على مقاضاة من قام بالتحرش أو الاغتصاب حتى وإن مر على الأمر سنوات.
رفعت نسوة العالم السقف بحملة "تايمز آب" أو "انتهى الوقت" للمطالبة بالمساواة في كل شيء مع الرجال ورفض التمييز بين الجنسين في جميع المجالات، وعلى الفور استجابت أكبر مهرجانات العالم سينمائيًا وموسيقيًا بتغيير تركيبة مجالس إدارتها، التي يسيطر عليها الرجال وتضم في عضويتها أيضا النساء وكذلك نسبة من السود.
توج إنجاز النساء، قبل أيام، بإدانة تاريخية للممثل الأمريكي بيل كوسبي، صاحب برنامج "كوسبي شو" التليفزيوني، بتهمة الاعتداء الجنسي على أندريا كونستاند العام 2004، من قبل هيئة محلفين شعبية في "بنسلفانيا" بختام محاكمة دامت ثلاثة أسابيع، ويشكل القرار "صفعة" للممثل البالغ ثمانين عاما، حيث أدين بالتهم الثلاث الموجهة إليه ويواجه احتمال الحكم عليه بالسجن ثلاثين عاما، أي أنه قد يمضي بقية حياته في السجن، خصوصا أنه "فلت" من المحاكمة في اتهام أكثر من 60 امرأة بالاعتداء الجنسي، لأن هذه الاتهامات سقطت بمرور الزمن باستثناء قضية أندريا كونستاند.
إدانة كوسبي اعتبرتها "تايمز آب" الداعمة لضحايا الاعتداءات الجنسية، "شرارة أولى" ودفعتها لتبني حملة جديدة لإنهاء مسيرة المغني "ار كيلي"، والمطالبة بتحقيق جديد بشأن اتهامات باعتداءات جنسية رغم عدم إدانته في أي منها، ودعت لإجراء "تحقيقات مناسبة" إثر اتهام صاحب أغنية "أي بيليف أي كان فلاي" بارتكاب انتهاكات جنسية بحق نساء سوداوات بعضهن قاصرات خلال السنوات الماضية، ومطالبة الشركة المنتجة لأعماله بضرورة "التشديد على سلامة النساء وكرامتهن أيا كنّ". ولما ناشدت المخرجة أفا دوفيرناي إحدى مؤسسات "تايمز آب" في تغريدة "جميع المستفيدين من موسيقاه إلى قطع العلاقة معه"، صدر قرار عاجل أمس بسحب اسمه من قائمة الفنانين الذين يحيون حفلا في جامعة أيلينوي بمسقط رأسه "شيكاغو".
وسط تصفية حسابات نساء أمريكا مع المتحرشين، رفعت ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز، قبل يومين، دعوى قضائية ضد الرئيس دونالد ترامب، بتهمة التشهير، لنشره تغريدة شكك فيها بصدق تعرضها لتهديدات حول علاقتها الجنسية به.
وكانت "ستورمي"، صرحت في وقت سابق بأن ترامب أقام معها علاقة في 2006، وأنها تلقت تحذيرا وتهديدا من رجل مجهول، دعاها إلى البقاء صامتة، وقد عملت "ستورمي" مع فنان لإنجاز رسم تخطيطي للرجل المجهول، الذي لحقها إلى موقف سيارات في "لاس فيغاس"، قائلا "اتركي ترامب. انسي القصة"، وألمح إلى أن شيئا سيئا قد يحدث لها.
وقالت "ستورمي" في الدعوى إن ترامب اتهمها بـ"اختلاق التهديد، واستغل جمهوره لتقديم بيان زائف لتشويه سمعتها ومهاجمتها". أما تغريدة ترامب فجاء فيها "دانيالز نشرت صورة لشخص لا وجود له"، واعتبر تصريحاتها "محاولة خداع الإعلام عبر نشر أخبار كاذبة".
إنجازات نساء أمريكا تردد صداها في فرنسا وبريطانيا وسويسرا وأخيرا في السويد، حيث كشفت صحيفة سويدية أن ولية عهد السويد، الأميرة فيكتوريا، تعرضت لتحرش جنسي سافر قبل 12 عاما، من قبل مصور فرنسي تحاصره اتهامات بالتحرش بعشرات النساء، وأدلى 3 أشخاص بتفاصيل كاملة عن تحرش المصور "جان كلود أرنو" بالأميرة السويدية، أثناء حفل عشاء في الأكاديمية الملكية، التي تمنح جوائز "نوبل"، قبل أن تتدخل إحدى مساعداتها لإبعاد المصور عنها.
مشكلة المصور الفرنسي المتحرش أنه متزوج من الشاعرة "كاتارينا فروستنسون"، التي كانت عضوة في الأكاديمية الملكية السويدية، وتعيش الأكاديمية هذه الأيام أزمة متفاقمة على وقع فضيحة المصور الشهير، إذ نشرت صحيفة أخرى شهادات 18 امرأة يتهمنه بالتحرش الجنسي، ما دفع بـ6 من أصل 18 من أعضاء الأكاديمية إلى تقديم استقالة لا رجعة عنها..
بالتزامن مع اعتراف الأكاديمية بتسريب أسماء الفائزين بجوائز "نوبل" في الأدب قبل إعلانها رسميا دون أن تحدد مصدر التسريب، ما قد يؤدي إلى إلغاء حفل توزيع جائزة نوبل في الأدب، الذي يجرى سنويا في العاصمة السويدية "ستوكهولم"، بعد اقتراح أعضاء الأكاديمية بذلك، لوضع معايير أخرى تمنع التسريب.
نساء العالم أطلقن الشرارة ولن يتوقفن حتى يتحقق العدل والمساواة.