رئيس التحرير
عصام كامل

الجراثيم والسياسة!


عند تناول المضادات الحيوية فإنها تعرف طريقها للجراثيم التي تهاجمها وهي للدقة الميكروبات الضارة غير الفيروس التي لا يؤثر فيها المضاد الحيوي، ولو افترضنا أن هناك ألف ميكروب فإن أول كبسولة ستقضي على مائة منها ليتبقى تسعمائة آخرين وبعد الكبسولة الثانية سيتخلص الجسم من مائة أخرى وهذا يعني أننا سنحتاج إلى 10 كبسولات للتخلص من الأعراض والمشكلة المرضية!


ما سبق سيحدث في حالتين.. إن كان المضاد الحيوي (المواجهة) مناسب.. وأن يتم تناوله في موعده.. فإن كان غير مناسب لن يحدث شيء مما سبق بل تتكاثر الميكروبات.. وإن حدث تأخير في تناول الكبسولات فإن التسعمائة ميكروب المتبقية بعد الكبسولة الأولى ستعاود التكاثر والزيادة من جديد وستصبح تسعمائة وخمسة ثم تسعمائة وعشرة وهكذا حتى تناول الكبسولة الثانية لتبدأ هي الأخرى في المواجهة!

أحدهم تناول 9 كبسولات وبدأ في التحسن وشعر أن معركته مع الميكروبات بدأت في الوصول إلى نتيجة طيبة، ثم اعتقد أن معركته انتهت وبعد نصيحة من صديق له أدرك أنه لم يعد في حاجة إلى تناول الكبسولة العاشرة والأخيرة ولم يتناولها فعلا وبدأ في ممارسة حياته طبيعيا، فلم يشرح له أحد نظرية عمل المضادات الحيوية ولا حياة الميكروب ولا البكتيريا ولا الجراثيم ومقاومتها ولم يكن يعرف أن بقاء الـ10 % الباقية كان كفيلا بتكاثر المجموع كله من جديد وشيء فشيء عاودت الآلام جسده..

وأعتقد أنها بفعل أوجاع الأيام الماضية ولم يكن يدري أن عدم علمه بالمعركة الجارية في جسده لا يعني أن المعركة ستتوقف وستنتهي ولم ينتبه إلا بعودة الأعراض مرة أخرى فقد بلغت الميكروبات رقم الألف وعادت سيرتها الأولى وضاع جهد الأيام التسعة بكل ما فيها من التزام بالكبسولات وفي مواعيدها والامتناع عن تناول أنواع من الطعام وما سبقها من أوجاع وتحاليل وزيارة للطبيب وكتابة الروشتة!

هل تتخيلون أن المذكور يمكن أن يكرر ما سبق عدة مرات؟ وهل يمكن أن يعمل بنفس النصيحة مرة أخرى؟! ماذا لو فعلها؟ بغض النظر عن الإجابة لكن عليك أن تعرف أن ما سبق ليس كلاما في الكيمياء.. أو على الأقل ليس كلاما في الكيمياء فقط.. إنه أيضا حديث في السياسة!
الجريدة الرسمية