نجيب محفوظ: لا أستمتع بالكتابة الصحفية
في حوار أجرته مجلة نصف الدنيا مع الأديب نجيب محفوظ في مايو عام 2000 حول قصته مع الكتابة في جريدة الأهرام قال:
أنا لست موظفا بالأهرام أنا كاتب فقط، وقد توقفت عن كتابة المقالات الصحفية في الأهرام في الفترة بين 1936 وحتى 1976، إلى أن دعانا الأديب المرحوم يوسف السباعى وكان رئيسا للتحرير واجتمع بنا في حجرة توفيق الحكيم وقال أنا عاوز كتاب الأهرام يكون لكل واحد فيهم زاوية أو عمود يكتب فيها خواطره وأطلقوا على الزاوية (من مفكرة فلان).
عرض على السباعي الدخول ضمن مجموعة المفكرين، فقلت له أنا تركت المقال منذ 40 سنة، وكاد يعفينى من المشاركة لولا أن تدخل الدكتور لويس عوض وقال: يا أخى تقدر تكتب زينا خصوصا وأنها مرة في الأسبوع وأنت في نفس الوقت روائي مشهور، اختار يوسف السباعى يوم الإثنين من كل أسبوع لكتابة "من مفكرتي"، وبدأت اكتب المقال وعكس المقال اهتماماتى السياسية إلى أن دعانى يوما السباعى إلى تغيير أسلوب الكتابة أو الكف عن كتابته، لأن بعضها لم يكن فيها رجع حسن مع الدولة التي كانت تزعل، وانتهى الأمر بمنع ظهور من مفكرتى مرة ثانية.
أما "وجهة نظر" التي ما زلت أكتبها، فهى باب جديد في الأهرام عهد به إلى صديق الذي دعانى من الباطن لأكتب فيه، كتبت في الفن والأدب والتمثيل فرجعت مرة ثانية للكتابة الصحفية في الأهرام.
بالطبع تأتى الأفكار إلى خلال متابعة الحياة اليومية، وبدلا من طرحها على أصدقائى لمناقشتها أكتبها على الورق، لكن الحقيقة أننى لا أستمتع إطلاقا بكتابتى الصحفية وأتمنى أن أتخلص منها فهى مثل الواجب الذي يؤديه التلميذ.. فالأهرام ينتظر منى هذه الكلمات وأنا مضطر إليها.. وإن كنت غير مجبر.
ورغم كل ذلك لن أتوقف عن الكتابة، فالكتابة كالحب أو القدرة عليه، ولا تصدق أن الفنان يتوقف عن الكتابة إلا في حالتين.. أن يموت دافع الكتابة عنده، أو أن ينصرف عنه قراؤه.