رئيس التحرير
عصام كامل

تجمع المياه الخامس


إنشاء المدن يلزمه دراسة فنية هندسية علمية جغرافية اقتصادية واجتماعية ثقافية وتحديد مكان أي مدينة مقترحة لا بد أن تمر بهذه الدراسات لكي يكون الموقع مثاليا ــ إن أمكن ــ ليس الأمر مرتبطا بقرار موظفين فاشلين حددوا الموقع عشوائيا من خلال المروحية.

إن ما حدث من غرق مدينة التجمع الخامس يدل على سوء تخطيط وعدم دراية بأصول "الصناعة".

السيول ظاهرة طبيعية تحدث أنحاء الكرة الأرضيّة ولا غرابة فيها.. الأمر في مصر هو هطول أمطار غزيرة في وقت قصير جدا على جبال البحر الأحمر شرق المحروسة وتندفع هذه المياه بطاقة تدميرية هائلة إلى الوديان المنخفضة حيث الحرث والنسل.. ولقد تنبه الخبراء والمهندسون إلى هذه المشكلة في القرن الثامن عشر، وعند إنشاء القناطر الخيرية التي تعتبر أهم منشأ مائي على نهر النيل، لأنها تنظم ري الوجه البحري بأكمله.. وعمد المهندسون على التحكم في مياه السيول بإنشاء ما يسمى بمخرات السيول.. وهي قنوات تجمع المياه المنحدرة ذات الطاقة التدميرية إلى مجرى مائي آمن أي نهر النيل.

ومخدرات السيول هذه محددة ومعروفة لدى مهندسو النيل والري والمزارعون ويجري صيانتها والمحافظة عليها تماما مثل جميع منشآت الري.

وواضح تماما أنه تم التعدي على أراضي هذه المخرات وإهمالها ولَم تؤخذ مواقعها في الاعتبار عند إنشاء هذه المدن بأراضيها غالية الثمن وسكانها الأثرياء.. كما أن البنية التحتية لهذه المدن أهملت الصرف السطحي وفِي غرق شارع التسعين أكبر الأثر، وهذا الطريق عشوائي ينقصه الصرف السليم والبناء الهندسي الصحيح وإشارات المرور يلزمها الكثير حتى تؤدي المطلوب منها لخدمة السيارات والأمان للمواطن.

يلزم أخذ رأي العلماء والخبراء والمهندسين في تخطيط هذه المدن ويلزم مراجعة قانون البناء والبنية التحتية ويلزم وجود الصرف السطحي في المدن الجديدة، هل نحن بناة الأهرام المعجزة حتى في عصرنا هذا.. "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الجريدة الرسمية