رئيس التحرير
عصام كامل

أمل حمدي تكتب: استيراد فلاحين من الصين

أمل حمدي
أمل حمدي

في الآونة الأخيرة سمعت قرار وزير الموارد المائية والري بخفض مساحة زراعة الأرز المزروعة من مليون و100 ألف فدان إلى 724 ألفا و200 فدان، أي بنسبة انخفاض بلغت نحو 30% إضافة إلى منع بعض المحافظات من زراعته وتطبيق غرامة على من يخالف الخريطة الزراعية، بل سيصل الأمر إلى إزالة محصول الأرز من الأراضى المخالفة لقرار وزارتى الرى والزراعة.


وجاء القرار مثيرا للمخاوف حول تأثير القرار سواء على المستهلك من ناحية زيادة أسعار الأرز وتخزينه واحتكاره، وأثره كذلك على أسعار المحاصيل من الحبوب الأخرى كالقمح والشعير، نعم سمعت وقرأت كل هذه التأثيرات ولكننى لم أر مسئولا يقول عن أثر القرار على "الفلاحين" الذين يعتمدون على هذا المحصول الصيفي كمصدر للدخل يعود بعائد مجزي للفلاح، وبدون زراعته سيهجر الفلاح الزراعة.

هل تم توفير بدائل تحقق نسبة ربح مماثلة للأرز أو ربما مكافآت أو تعويضات أو حتى مستلزمات إنتاج المحاصيل البديلة للمزارعين الذين سيلتزمون بالخريطة الزراعية كتوفير بذور قطن عالية الجودة بدلا من ارتفاع أسعارها وعدم صلاحيتها للزراعة حتى لا يدفع الفلاح "دم قلبه في خدمة ليس لها فائدة".

هل تم حل أزمة نقص الأسمدة وصرف ما يلزم من السماد للفدان بفرض رسوم رمزية على كل جوال بدلا من ترك الفلاح لنار السوق السوداء تقصم ظهره، أو التشجيع على ابتكار ماكينات لجنى القطن الذي يعد جنيه مشكلة كبيرة في حد ذاتها، أو تحديد أسعار مناسبة لقنطار القطن يحقق لهم ربحا جيدا.

هذا إذا كان البديل هو القطن، أما إذا كانت محاصيل جديدة لم أسمع عن توفر إرشاد زراعى جيد يشرح الطرق المثلى في زراعة محاصيل جديدة لم يزرعها الفلاح في أرضه من قبل، وكذلك الأمراض التي تصيب تلك المحاصيل والمبيدات التي يستخدمها الفلاح، وقطعا هذا لن يحدث مطلقا نظرا لكون أصغر مرشد زراعى بالوزارة عمره يتجاوز 56 عاما وعددهم قليل جدا بسبب توقف تعيينهم منذ عام 1984 م.

فالمشكلة هنا لا تكمن في مياه وزراعة أرز أو زراعة محاصيل بعينها دون الأخرى المشكلة تجاهل الدولة ولا مبالاتها لمشكلات الفلاحين وعدم العمل بجدية على حلها كما هو الحال في المهن الأخرى، فالفلاح كما قال الرئيس محمد نجيب "الفلاح كريم في أرضه.. عزيز بين أهله".

ولكن أين هذا الكلام وما يحدث للفلاح الآن، فالفلاح وأبناؤه يحفرون في أرضهم طوال العام وفى نهاية المطاف يخرج مديون ويأخد السلف وما على بنك التنمية إلا زيادة الفوائد البنكية فيترك غالبية المزارعين أراضيهم بدلا من تعرضهم للخسائر ويبحث عن مهن وحرف أخرى لأبنائهم حتى لا يسيرون على نهجهم.

وكذلك أين كرامة الفلاح من تعنت الموظفين وردودهم المستفزة عند طرح الأسئلة حول نقص الأسمدة مثلا "روحوا اسألوا الوزير"، "يعنى هما مش عارفين يتكلموا مع حضرتك كموظف جمعية غلبان هيروحوا يتكلموا مع الوزير".

كل ذلك يجعل من مهنة الزراعة أو الفلاحة مهنة مهددة بالانقراض، فأمام الحكومة خيارين لا ثالث لهما هما: أن تتولى مشكلات الفلاح وتجد حلولا لها أم أن تستورد فلاحين من الصين في القريب العاجل.
الجريدة الرسمية