إدارة الإصلاح في المنظومة الحكومية المصرية
بعد مذبحة الميدان السماوي ١٩٨٩م وموجة التظاهرات الشبابية في الصين لم يتعصب "دنج ثياو بنج" وقادة الحزب الشيوعي نحو أداء الدولة الفكر الشيوعي، واستوعبوا ضرورة التغيير، وأنه لا رفاهية نحو إصلاح الجهاز الحكومي كخطوة نحو إصلاح اقتصادي شامل، وإلا ستنهار الدولة.. وكانت عينه تتحرك نحو المؤمنين بضرورة التغيير وبالتالي تم جذب القيادات الشابة الواعية نحو حلم الصين العظمي -رغم أن ذلك وقتها كان درب من الخيال- وتم وضع معايير تقييم نحو الموظف الحكومي نحو تحقيق خطة التغيير والإصلاح.
الصين ورغم الاتهامات الغربية نحو عدم تطبيق الديمقراطية إلا أنه تم استيعاب الشباب وتمكينهم بالتعليم المتطور وتكافؤ الفرص من خلال مرور ٤٠٠ مليون مواطن من خط الفقر مع نهوض اقتصادي ملموس، وقد ركز الإصلاح الاقتصادي الصيني على زيادة الاستثمار في الضمان الاجتماعي، وتحسين الخدمات الاجتماعية للشعب الصيني في إصلاح هيكلي عميق ومستدام، من خلال تحويل نمط النمو الاقتصادي القائم على الاستهلاك المحلي نحو القوى المحركة لدفع النمو المستمر من خلال مفاهيم التنمية الخمسة (الابتكار والتناسق الأخضر والانفتاح والتمتع المشترك)، وخلال هذا العام نشهد إطلاق مشروع طريق الحرير ليُؤهل اقتصاد الصين نحو غزو ناعم لقارات العالم القديم، وإعادة رسم خريطة التجارة العالمية كخطوة مؤسسية لتحولها إلى قوى عظمى.
بعد أحداث يناير ٢٠١١ وتعاقب وزارات ووزراء آخرهم وزارة شريف إسماعيل ورغم الرقابة ونزاهة الوزراء وعدم تواني النظام السياسي عن عقاب وزير أو محافظ فاسد لكن ما زال الفساد حيّا... لأن الأزمة تكمن في ١١٤٣٠ مديرا بالجهاز الحكومي هم صلب البيروقراطية المصرية، وهم الأكثر إدراكا لكيفية سير المنظومة، ورغم تغيير الوزير أو المحافظ في مدة متوسطها عامين فالجهاز الحكومي باقٍ طبقا لقوانين الترقي والتقاعد..
لذا فإن التحدي الأكبر لمصر هو كيفية إدارة هذا الجهاز كما شخصها المهندس علي والي في كتابه العبور الاقتصادي.
وفِي مقال لمجموعة بوسطن الاستشارية BCG عن إدارة التغيير في القطاع العام أكد الباحثين أن معدل الفشل يصل إلى ٧٠٪ في تحقيق التغيير المنشود، خاصة إذا كان التغيير واسع النطاق، ولعل أسباب ذلك عدم وجود مؤشر للتحذير المبكر أو الالتزام والإيمان بالتغيير، وكان التمويل هو آخر التحديات على عكس المتوقع، ولعل هناك مبادئ أساسية لزيادة فرص النجاح:
١- السياسة الجيدة هي مجرد بداية تكتمل مع التنفيذ المنظم الصارم لذا فقد يفتر الحماس الأولى ما لم يكن هناك منهجية علمية.
٢- إشراك أصحاب المصلحة الرئيسيين وهذا العمل ليس تعطيلا للعمل بقدر ما هو تذليل عقبات قادمة.
٣- مراقبة تحقق وتطور العملية وإدراك المخاطر
٤- تركيز القيادة على دعم الإدارة العليا وتركيزها على القضايا الأهم وعدم تشتيتها ودعم القيادة العليا بمراكز إستراتيجية لإدارة التغيير وتفعيله ونشر ثقافة التغيير وإيجابياتها.
في رأيي المتواضع فإن مصر تستطيع نحو الإصلاح والتغيير تحقيق الخطة التالية:
١- رغم وجود ٨٦٠٠٠ عالم مصري في المهجر منهم ٤٢ يشغلون منصب رئيس جامعة في أهم جامعات عالمية بالإضافة إلى ٨٥٠٠٠٠ خبير في العلوم التطبيقية لتحتل مصر المركز الأول عالميا في هذا الصدد أيضا هناك مديرين ناجحين في القطاع الخاص لكن العمل الحكومي منفر لهم بسبب ضعف المرتبات وتعقد وبيروقراطية المنظومة.
نحن نحتاج تحفيز وجذب ١٪ من الكفاءات المصرية سواء في الخارج أو الداخل لتشكيل فريق يصيغ خطة التغيير.
٢_ القادة والشباب المؤمن بالإصلاح، لأنهم أصحاب المصلحة الرئيسيّة في الإصلاح أيضا توسيع دائرة أصحاب المصلحة في موظفي الحكومة من خلال حوافز مالية للإدارة الوسطى الحكومية بما يعادل مرتبات القطاع الخاص بل ويتخطاها.
٣- أن تعمل الجهات الرقابية على تحقيق معدلات ملموسة في الإصلاح والتغيير بناء على مقاييس أداء مع استيعاب أن التغيير عمل إبداعي قابل للخطأ على عكس الأنشطة الروتينية.
٤- يجب أن يصبح معيار إيمان الإدارة العليا بالإصلاح وقدرة المدير الإبداعية أهم من معيار الكفاءة والالتزام باللوائح والقواعد والروتين.
أتمنى أن يستكمل الرئيس السيسي تحقيق حلم التغيير والإصلاح نحو حلم مصر العظمي من خلال إصلاح اقتصادي وإداري لاح في الأفق.