رئيس التحرير
عصام كامل

أصدقاء صهاينة للجهاد فى سوريا


لم يعلق أحد قادة الجماعات إياها الذين تباهوا بإرسال "شهداء" لتياراتهم إلى سوريا بزعم الجهاد ضد "الطاغية" الأسد، على مشاركة الصهاينة على قدم المساواة معهم مؤخراً فى ضرب دمشق، ولم تخرج كلمة واحدة من مندوب الجماعة "المقطورة" فى جهاز الرئاسة تفسر ما فعله "الأصدقاء" فى تل أبيب بـــ"الأشقاء" العرب هناك، اللهم سوى كلمات "عبيطة" لمسئولين من نوعية "تأثير" التدخل الإسرائيلى على "المنطقة" كلها.


الهجوم الإسرائيلى جاء ليعكس واقع العلاقات الحميمية بين "مصر الجماعة" التى تبارك وجود الكيان التوسعى الاستيطانى، وأذرع السيد الأمريكى فى "الشرق الأوسط"، ذلك المصطلح الذى أطلقه وينستون تشرشل عقب الحرب العالمية الثانية للمرة الأولى، وأرجأ ظهور عبد الناصر تنفيذه على أرض الواقع أكثر من نصف قرن.

ولفهم تلك العلاقات تابع أطراف المؤامرة على "الثورات العربية" التى أريد لنموذجها فى سوريا تطبيق مفهوم سابق لمقولة "الطغاة يجلبون الغزاة"، والتى انطلقت قبل ضرب العراق بزعم إسقاط صدام حسين، الذى شاركت أنظمة شائخة القوة الأنجلو أمريكية حصاره 13 عاماً، فقد خلالها الشعب قوت أطفاله ودواء شيوخه، لتصبح الأرض مرتعاً للمتصهينين من القوى الجهادية وأرباب مصالح الإمبريالية الجديدة فى ثوب الديمقراطية البترولية.

ولعلى هنا لا أستدعى نموذجى حكم غير مقبولين للمقارنة أو التشبيه، بقدر ما ألفت النظر إلى نتيجتين أرست قواعد الأولى منها ديمقراطية واشنطن، والثانية تل أبيب بيدها مباشرة أو نيابة عنها، بمشاركة قوى الدين السياسى الصاعدة على دماء شهداء ثورات جيل حقيقية فى بلداننا، فمبادئ التحرر الوطنى ضد مستعمر أو حاكم جائر لا تتجزأ، لكن نجاحها وضمان ثباتها يستلزمان مشروعاً وطنياً ذاتياً خالصاً، وهو ما تنكره بشائر تجارب الحكم الدينى، الرأسمالى لبلدان أنجزت مرحلة ثورية أتت بجماعات تقدر قيماً مادية أكثر من تقديرها للوطن وترابه والمواطن وحرياته.

غاب العراق بعد إهمال "تقويم" حاكمه بحجة امتلاكه سلاحاً نووياً، وجرت إساءة سمعة البرادعى المصرى المسئول الدولى وقتئذ على ألسنة أصحاب الذقون فى بلده، وانزلقت ليبيا إلى مستنقع الفوضى الفكرية بتصعيد رواسب ما بعد حكم صاحب إفيهات الزعامة العربية الأفريقية، وتخبطت تونس بحثاً عن مستقبل و"نهضة"، ولم يسعد اليمن تماماً عقب خلاصه من حكم "غير صالح" بالمرة، ووقفت مصر منقسمة بفعل استعمال أوبئة ما بعد حكم مبارك وسرطاناته، وأولها جماعته المستأنسة وطفيلياتها الباحثة عن توفيق أوضاعها هرباً من مصير "القومية" المجهول.

نفس القوى باتت فتاوى قادتها مبرراً جاهزاً للحرب الأهلية والطائفية داخل حدود الوطن الواحد وبين طبقاته وفئاته، وليست مفارقة أن تبتعد جميعها عن الدعوة إلى الجهاد ضد عدو تاريخى واضح للعيان، فيخرج المتأخونون والسلفنجية والجهاديون من مصر طلباً للموت جنباً إلى جنب مع طرف سورى ضد آخر، مستعيناً فى معركته ببشرى "مناكحة الرفيقة" والتى لا مكروه فى أن يرسلها أصدقاء سيده فى تل أبيب لتشجيعه على البقاء أسداً فى معركة لا ناقة له فيها ولا جمل.

أمهات ثكلى داخل بيوتهن يبشرهن الأمير بشهادة أبنائهن وحياتهم فى الآخرة مع الحور العين، نفس الأمهات تبرر لهن متاجرة ذات الجماعات بنساء وبنات سوريا وتلقى ثمن تزويجهن عنوة تحت مزاعم "الستر"، ربما هى العادة الدعوية فى الإتجار بفقراء الصناديق الانتخابية تماماً، كل فولة ولها كيال وكل سلعة ولها ثمنها.

لا ينكر أحد، ولا يحق له، علينا كجيل وشعب عربى حقنا فى تقرير مصيرنا بما تعلمناه وارتضيناه من قيم الديمقراطية والحرية، التى أسست قوى ظلامية لمبادئ تكفيرها وقت حضورها للحكم بآلية "الصندوق"، ولا أتصور ألا نراجع مواقفنا لفهم ما نفعله بأنفسنا وأوطاننا، ونعيد تقييم ما آلت إليه أمورنا، فمصائرنا واحدة وأوطاننا لا يصنع مستقبلها بالقطعة.
الجريدة الرسمية