هانى رمزى.. المراجعة أهم
بعد ثلاث سنوات من تجربتهما الأولى معا في فيلم "نوم التلات" يلتقى الفنان الكوميدي الكبير هانى رمزى مع المخرج إيهاب لمعى في تجربة "قسطى بيوجعنى".. ورغم أن اسم الفيلم ينبئ ببناء درامي، يمكن أن يكون مذهلا، غير أن الأحداث لم تكن على قدر النبوءة، مع الوضع في الاعتبار أنك أمام نجم كوميدي كبير، يرغب دومًا أن تكون لديه رسالة، يود أن يبعث بها إلى جمهور عرفه، قديرا على المسرح، وصاحب شخصية واضحة أمام الكاميرا.
"قسطى بيوجعنى" من اسمه يوحي بما يمكن أن تصنعه فكرة الحياة بالتقسيط لدى البسطاء، وأيضا لدى الأغنياء داخل سياق الفيلم كما قدمها هانى.. فكرة التطلع لدى العامة في حياة أكثر ترفًا، بدءا من ضرورة البوتجاز ونهاية بترف التكييف وغسالة الأطباق، وما يلى ذلك من أحداث ومطاردات بين أكمل(هاني رمزى) موظف التحصيل لدى رجل الأعمال حسن حسنى، وما يمكن أن تحمله أجندة موظف التحصيل ومعتقد رجل الأعمال الذي ينطلق من فكرة ثمن "التسهيل" وإلغاء العواطف تماما أمام الفاتورة.
أكمل الذي يطارد عملاء رجل الأعمال تواجهه مشاهد متباينة، ربما أراد صناع الفيلم حشدها، ولكن ببطء شديد لصناعة عقدة أو تغير في المواقف، من خلال مايا نصرى التي يموت زوجها، ولا تستطيع أن تدفع أقساط زوجها فيندفع البطل بشهامة- مفتقدة لديه بحكم الوظيفة- لبسط حمايته عليها، حتى يقع في حبها خاصة بعد إعلان جارته التي يحبها من طرف واحد ارتباطها بأحد أقاربها.
يقع صناع الفيلم في مستنقع الإيحاءات الجنسية، رغم توافر عناصر فنية يتسم بها البطل الرئيسى، تجعله قادرا على الإضحاك دون ابتذال، فهانى رمزي فنان لديه من القدرات ما يجعله قادرا على تقديم رسالة أعمق من ذلك، غير أنه قدم معه نموذجا فنيا لممثل قدم دوره بتلقائية مذهلة، في دور صديقه سيد الذي قدمه الفنان مصطفى أبو سريع، تلك التلقائية التي غابت عن مايا نصري المنفعلة، بشكل زائد عن الحد، رغم بساطة قسماتها وامتلاكها لقدرات فنية نعتقد أنها لم تستطع تقديمها.
تمكن المخرج إيهاب لمعى من تقديم بانوراما شعبية للحارة المصرية في لقطات نادرة وذكية ومكثفة، ربما لم يشفع له كسيناريست تقصيره في تقديم عقدة حقيقية أو حدث انقلابي، يقود العمل إلى واحدة من أهم لقطات الفيلم في مشهد النهاية على كوبري قصر النيل، واصطفاف المحبطين الراغبين في الانتحار مع استعراض سريع لأسباب الإحباط في المجتمع.
على أننى أرى أن إشكالية هاني رمزى كفنان مثقف وصاحب رؤية لم يدرك حتى الآن أنه مشروع ثقافى مصرى يحتاج إلى فريق عمل يراجعه، فيما يقدم عليه، قبل أن ينخرط في تقديم أعمال تتوفر فيها النيات الحسنة غير أنها تأكل من تاريخه!!