محمد غنيم يكتب: إيهاب جلال VS الزمالك
منذ اليوم الأول لانضمام المدير الفني إيهاب جلال لقيادة فريق الزمالك، شعرت بأنه جاء ليعمل ضد النادي، وليس لصالح الفريق، ليس أدل على ذلك من الطريقة المتهورة العشوائية التي خاض بها إيهاب لقاءه الأول أمام النادي الأهلي، والذي سقط فيه بالخسارة بثلاثية في بداية- هي الأسوأ والأمر- على أي مدرب كرة قدم في العالم، والتي اعتبرها إيهاب جلال بداية عادية، وأكد تحمله للهزيمة التي كان من الممكن أن يتجنبها بقليل من الذكاء والتخطيط المنظم لمباراة كبيرة مثل مباراة القمة.
في عالم كرة القدم يمثل كل مدير فني بصمة خاصة به، تأتي نتيجة تراكم الخبرات التي خاضها في مشواره المهني، وكذلك عقليته ومدى قدرته على القيادة والإدارة الفنية، ثم يأتي الطابع الشخصي للمدير الفني الذي يمنحه القدرة على كسب ثقة اللاعبين ومجلس الإدارة، والاعتماد على أسلوبه وتفكيره بشكل يعطيه الصلاحيات الكاملة لقيادة الفريق.
جاء إيهاب جلال بعد تجربة شبه ناجحة مع نادي مصر المقاصة، أعلن المدرب بها عن نفسه لجماهير الكرة المصرية، ثم شعر المدرب في داخله أنه قد وصل إلى أقصى شيء يمكن تحقيقه مع الفريق الفيومي، في ظل عدم استجابة الإدارة لتدعيم صفوف الفريق، وعدم زيادة راتبه، فهو بذلك لن يخوض المغامرة في إكمال المشوار رغم مشاركة الفريق في دوري أبطال أفريقيا، لكن ذلك يعكس لك مدى قصر نظر إيهاب جلال، وسوء تخطيطه للمستقبل، بما يقوده بكل جدارة نحو الانحدار والسقوط، الذي بدأ منذ توليه إدارة إنبي لفترة قصيرة، وبعدها انتقاله إلى حلمه الذي سعى إليه كثيرا بقيادة فريق نادي الزمالك.
لم يكن إيهاب جلال مناسبا إطلاقا لقيادة فريق الزمالك، فهو مدرب اعتاد اللعب على التنظيم الدفاعي أولا، وتأمين وسط ملعبه، وبناء الهجمة بشكل بطيء، يمنحه الوقت الأطول الذي يجنبه دخول الأهداف في مرماه، ثم يفكر في إحراز الأهداف عن طريق الكرات العرضية أو مهارات خاصة للاعب مثل أحمد الشيخ، والاعتماد على الحلول الفردية لبعض اللاعبين، أما مع فريق مثل الزمالك، فتلك الطريقة تمثل سلاحا مضادا للاعبي الزمالك، ولأحلام مشجعي القلعة البيضاء، ستفشل بكل تأكيد.
فريق الزمالك ليس النادي الذي يبني هجماته بكثرة التمريرات والتمركز الطويل في وسط الملعب، لا تمتلك من اللاعبين من يساعدك في ذلك، والزمالك ليس فريقا في منتصف جدول الفرق المصرية، فهو فريق صاحب بطولات، مطلوب منه المنافسة والفوز دائما والضغط المتواصل على الخصم، أما في طريقة جلال، فإذا اصطدم الزمالك بفريق ضاغط يبادر لاعبي الوسط بتملك الزمام، سينهار الفريق على الفور، وينكشف الدفاع للمهاجمين، إيهاب جلال لعب ضد قدرات لاعبي الزمالك، وضد فكر وعقلية نادي الزمالك، فهو لا يصلح بحال لقيادة فريق بطولة يضغط في جميع مساحات الملعب على الفريق المنافس، هذه العقلية لا يمتلكها إيهاب جلال، وهذا ما تحقق حرفيًا خلال مشواره مع الزمالك، والذي كانت نهايته معروفة للجميع بإعلان الإقالة.
ستظل القلعة البيضاء شامخة مهما توالت الانكسارات والهزائم، ولنا في أندية ميلان والإنتر بإيطاليا خير مثال، فهي فرق عريقة، ولكنها تعاني منذ سنوات تبتعد عن المنافسة محليا وأوروبيا، ولكنها تبقى فرق بطولة، ستغيب مهما غابت ثم لابد لها أن تعود من جديد عندما يحدث التنظيم الجيد والتخطيط على المدى البعيد، والصبر على مدرب يبني فريقا لسنوات قادمة تعيد لنادي الزمالك مكانته التي سيعود إليها قريبا، فلا شيء يبقى على حاله، كل ما هنالك هو الإدارة، والإرادة، فالإدارة تحتاج إلى مجلس يعمل في صمت ويحرص على مصلحة أحد أكبر فرق القارة الأفريقية، وكل فرد داخل الإدارة ينكر ذاته من أجل الكيان، والإرادة التي تغلف أداء لاعبي الزمالك بالروح والإصرار ليحقق طموحات جماهير الزمالك.
ينبغي الآن لكل زملكاوي مخلص حريص على مصلحة ناديه، أن يقف بصدق من أجل النادي الذي يترنح من هزيمة لأخرى ومن مدرب لآخر، ومن مجموعة لاعبين يرحلون ومجموعة أخرى تأتي، وتظل المأساة باقية، الآن هو دور كل أبناء الزمالك القدامى والحاليين وجماهير الزمالك الحقيقيين ليقفوا وقفة من أجل ناديهم، يرفضون كل اعتداء على تاريخ الزمالك، وكل تلاعب بكيان الزمالك، فالمأساة لا تكمن فقط في تغيير مدربين ولا تغيير لاعبين، المأساة أكبر من ذلك والمرض يتغلغل ويتوغل يوما بعد يوم في جسد الزمالك بما داخله من أشخاص غير مخلصين لا يهمهم سوى أنفسهم ومصالحهم الشخصية، بين رئيس نادي لا يجتمع بمجلس إدارته، ونائب رئيس ممنوع بقرار رئيس النادي، ولاعبين يطالبون بمستحقاتهم كل يوم، لابد من وقفة حقيقية تقضي على كل هذا العبث، فمن أراد مصلحة الكيان فليبقى ولا مكان للمنتفعين والمتلاعبين بكيان النادي العظيم.