رئيس التحرير
عصام كامل

معركة التعليم في الموازنة الجديدة.. المخصصات المالية تضيع على الأجور والصيانة والقروض.. 2019 عام التوسع في المدارس الخاصة.. خصخصة وظائف التربية والتعليم.. و7 أبواب للمصروفات

الدكتور طارق شوقي،
الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم

تتجدد معركة الميزانية المخصصة للإنفاق على التعليم قبل الجامعى كل عام، وتتعالى الأصوات المطالبة بتطبيق نص المادة رقم 19 من دستور عام 2014، والتي تنص على أن: التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقًا لمعايير الجودة العالمية، والتعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقًا للقانون.


وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالي، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.

وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها.

ميزانية السنوات الماضية
ومنذ عام 2014 ارتفعت ميزانية التعليم أكثر من مرة، إلا أنها لم تصل إلى الاستحقاق الدستورى الوارد في المادة السابقة، والذي يعنى أن تصل إلى قرابة 200 مليار جنيه وهى نسبة الـ4% من الناتج القومي، وإذا تم احتساب النسبة على الناتج المحلى فإنها تزيد على 140 مليار جنيه، ومع ذلك فإن أعلى ميزانية للتعليم قبل الجامعى كانت في العام الدراسى 2016/2017، وكانت تقدر بـ ٨١ مليارًا و٣٩٩ مليونا و٢٩٢ ألف جنيه، وتم تخصيص ٧٢ مليارا و٤٠٢ مليون و٥٨٤ ألف جنيه من تلك الميزانية للمديريات التعليمية بنسبة ٨٨.٩٥٪ من إجمالى الميزانية المخصصة للتعليم، ويخصص للجهاز الإدارى بالوزارة (الديوان العام) ٣ مليارات و٣٧٩ مليونا و٢٢٦ ألف جنيه بنسبة ٤.١٥٪، ويخصص للأبنية التعليمية ٤ مليارات و٢٨٨ مليونًا و٧٩ ألف جنيه بنسبة ٥.٢٧٪ من إجمالى حجم الميزانية، وكان قد تخصص ٤٠٠ مليون جنيه لصالح صندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية، و٢٦ مليونًا للمركز القومى للامتحانات، و٢٥ مليونًا للمركز القومى للبحوث التربوية والتنمية، و٤٧٥ مليون جنيه للهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، و٢٠ مليون جنيه للأكاديمية المهنية للمعلمين، و١١ مليون جنيه للمركز الإقليمى لتعليم الكبار بسرس الليان، و٣٧١ مليون جنيه لصندوق تطوير التعليم.

7 أبواب
وتصرف موازنة الوزارة في ٧ أبواب، وتشمل المرتبات والأجور وأعمال الصيانات بالمدارس، وفوائد القروض، والدعم والمنح الاجتماعية التي تقدم لغير القادرين، وبناء المدارس وتجهيزات المدارس والآلات والمعدات، وإعادة تأهيل مدارس التعليم بشقيه العام والفني، وأقساط القروض وغيرها من النفقات.

وتلتهم الأجور والمرتبات الجزء الأكبر من ميزانية التعليم، حيث تبلغ قيمة الأجور والرواتب ٦٨ مليارا و٤٧٩ مليونا و١٥٣ ألف جنيه شاملة مكافأة الامتحانات التي تصرف للعاملين بالتعليم، وتشمل: أجور المعلمين والإداريين وكافة العاملين بالتربية والتعليم في المديريات، وتبلغ قيمتها ٦٧ مليارًا و٤٠٧ ملايين و٦٧٣ ألف جنيه، وأجور العاملين بالديوان بلغت قيمتها مليارًا و٧١ مليونًا و٤٨٠ ألف جنيه.

انخفاض الميزانية
وبالرغم من ذلك فإنه في العام الدراسى الجارى 2017/2018 انخفضت الميزانية المخصصة للتعليم قبل الجامعى بمقدار مليار جنيه عن العام السابق عليه.

ويوضح الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أن الوزارة حصلت على 80 مليار جنيه بميزانية 2017/2018، منها 68 مليار جنيه رواتب للعاملين، و5.7 مليارات فقط لهيئة الأبنية التعليمية لتخصيصها لإنشاء فصول جديدة.

ولفت إلى أن تسيير أمور الوزارة بهذه الميزانية أمر سهل، وقد حدث خلال الأعوام الماضية، إلا أنه لن يحقق طفرة في العملية التعليمية كما تطمح الدولة، مؤكدًا أنه بالرغم من أن الأجور والرواتب تلتهم النسبة العظمى من ميزانية التعليم، إلا أن الوزارة بحاجة إلى قرابة 8 مليارات جنيه لزيادة رواتب المعلمين بمقدار 500 جنيه فقط لكل منهم.

حشد النواب
ويسعى وزير التعليم إلى حشد أكبر عدد من أعضاء مجلس النواب من أجل المطالبة بتطبيق نص الدستور، ورفع ميزانية التعليم قبل الجامعى في الموازنة القادمة للدولة للعام المالى 2018/2019، وتمثل زيادة موازنة التعليم في العام المالى القادم نقطة فارقة، حيث إنه سيتحدد على ضوء الميزانية التي يتم اعتمادها مصير منظومة التعليم الجديدة التي يحاول “شوقي” تطبيقها مع بداية العام الدراسى القادم، كما أن حجم الإنفاق على التعليم الذي سيتحدد سيضع النقاط فوق الحروف بالنسبة لمشروع الثانوية العامة التراكمية الذي أعلن عنه “شوقي” في أكثر من مناسبة، والذي يهدف إلى استخدام أجهزة التابلت في الدراسة، بدلًا من الاعتماد على الكتب الورقية، والمشروع أيضًا يغير طريقة التقييم الحالية ويستبدلها بنظام تقييم للطالب على مدى السنوات الثلاث في المرحلة الثانوية، وهو ما يعرف أيضًا بنظام الثلاث سنوات.

ووفقًا للتقديرات المعلنة فإن تطبيق هذا النظام يحتاج إلى تكلفة مالية تتجاوز الـ12 مليار جنيه.

ويستند وزير التعليم في مبررات تطبيق النظام الجديد إلى أنه لا بد من الدخول واقتحام عالم التعليم الرقمى باعتبار أن الكتاب المدرسى يفقد مكانته مع الوقت، بجانب أن تكلفة طباعة الكتب المدرسية تتضاعف، حيث كانت التكلفة قبل عامين 800 مليون جنيه من ميزانية الوزارة، ووصلت خلال العام الدراسى المنقضى إلى مليارين و344 مليون جنيه.

إنشاء الفصول
ويفتح مشروع موازنة التعليم وحجم الإنفاق المتوقع على التعليم قبل الجامعى في مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى القادم الباب لمناقشة مستقبل الملفات الحيوية في هذا الجانب، ويأتى على رأس تلك الملفات الأبنية التعليمية، حيث تحتاج الوزارة إلى إنشاء أكثر من 30 ألف فصل مدرسى بقيمة تصل إلى أكثر من 10 مليارات جنيه، وذلك من أجل تنفيذ إستراتيجية الوزارة في التوسع في عملية البناء المدرسى من أجل توفير أماكن لكل طفل يبلغ سن الإلزام، وكذلك لتخفيف حدة الكثافة الطلابية في الفصول، والتي وصلت إلى 120 طالبًا أو يزيد في بعض فصول مدارس الجيزة.

وتتضاعف الأعباء المفروضة على وزارة التربية والتعليم، ممثلة في الهيئة العامة للأبنية التعليمية، حيث ارتفع العدد المستهدف من 6 آلاف فصل إلى 30 ألفًا في العام الواحد لتحقيق برنامج إنشاء 100 ألف فصل للقضاء على مشكلات الكثافة داخل المدارس، وقد تضاعفت الميزانية المخصصة لهيئة الأبنية من 3.5 مليارات جنيه قبل عامين إلى 5.7 مليارات في موازنة العام الحالي.

وفى ظل المؤشرات التي تقول إن الميزانية القادمة لن تزيد عن ميزانية العام الحالى بنسبة كبيرة، فسيكون على الوزارة أن تبحث عن مصادر أخرى لتمويل بناء المدارس الجديدة لتحقيق برنامج خطتها الإنشائية، وهناك مساران لتحقيق ذلك؛ الأول يتمثل في استكمال مشروع الشراكة بين التربية والتعليم والقطاع الخاص، والذي انطلق في عهد وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور الهلالى الشربيني، وكان يستهدف إنشاء 3 آلاف فصل بنظام الشراكة مع القطاع الخاص، وقد رحل الهلالى قبل تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع التي كانت قطع الأراضى الخاصة بها جاهزة للطرح والإسناد.

أما المسار الثانى فسيكون من خلال دعم القطاع الخاص لإنشاء المزيد من المدارس الخاصة على مستوى الجمهورية، خاصة مدارس اللغات التي تشهد إقبالًا كبيرًا من أولياء الأمور، وتمثل نسبة المدارس الخاصة نحو 15% من إجمالى عدد المدارس العاملة في مصر، ويحتاج التعليم المصري، في ظل عجز الحكومة عن الوفاء بمتطلبات البناء المدرسى إلى أن تصل النسبة لأكثر من 25% من إجمالى عدد المدارس، وهذا يتطلب إعادة النظر في اشتراطات الأبنية التعليمية، خاصة في المدن والمناطق المكتظة بالسكان، والتي تعانى من عجز شديد في الأبنية التعليمية، وتشجيع الاستثمار في التعليم وتسهيل عملية الحصول على تراخيص لإنشاء المدارس.

خصخصة الوظائف
عجز الميزانية المخصصة للتعليم قبل الجامعى يجعل الوزارة تقف مكتوفة الأيدى أمام الوفاء بالاحتياجات اللازمة، وسد العجز في المعلمين وعمال الخدمات المعاونة وأفراد الأمن، حيث تحتاج وزارة التربية والتعليم لتعيين ما يزيد على 100 ألف شخص بين معلمين وعمال خدمات معاونة وأفراد أمن لتأمين المدارس والمنشآت؛ ولكن في ظل حالة التراجع الحكومى عن التعيينات، فقد تلجأ وزارة التربية والتعليم إلى سد ذلك العجز على طريقة القطاع الخاص، من خلال توفير فرص وظيفية دون تعيين بنظام العمالة الموسمية أو التعاقدات المؤقتة عن طريق شركة الرواد المملوكة لصندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية التابع للوزارة، والتي تم إنشاؤها عام 2014 من أجل توفير عمال خدمات معاونة للمدارس، وتوفير أفراد أمن في أماكن العجز بنظام التعاقدات الموسمية، وعلى طريقة القطاع الخاص حتى لا تتحمل الدولة تعيينات جديدة، وفى نفس الوقت تقوم بسد العجز في الوظائف.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية