رئيس التحرير
عصام كامل

الحالات المحظورة قانونا لمناقشة المتهم في طور المحاكمة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

قال المستشار محمد عبدالسلام: إن الاستجواب المحظور قانونًا في طور المحاكمة لا يصح إلا بناء على طلب من المتهم نفسه يبديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وهل تقتضيه مصلحته، أم لمجرد الاستيضاح. 


مشيرا إلى أنه إذا استفسرت المحكمة من الطاعن إذا كانت له صلة بأحد الشهود، وما إذا كان قد توجه إليه بمنزله، فإن هذا ليس فيه أي خروج عن محارم القانون ولا مساس فيه بحق الدفاع، ومع ذلك فإن هذا الحظر إنما قصد به مصلحة المتهم وحده، فله أن يتنازل عنه صراحة أو ضمنًا، إما بطلبه صراحة من المحكمة أن تستوجبه أو بعدم اعتراضه هو أو المدافعين عنه على الاستجواب، وإجابته على الأسئلة التي توجهها إليه المحكمة.

وتابع "لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحكمة أن أيًا من الطاعنين أو المدافع عنه قد اعترض على هذا الإجراء فإن هذا يدل على أن مصلحة الطاعن في تقديره لم تضار بهذا الاستجواب ولا يجوز له من بعد أن يدعي بطلان الإجراءات".

وأضاف عبدالسلام إن الاستجواب المحظور هو الذي يواجه فيه المتهم بأدلة الاتهام التي تساق عليه دليلًا ليقول كلمته تسليمًا بها أو دحضًا لها.

 ولما كان البين من مناقشة المحكمة للطاعن أنها سألته عنه صلته بالشخص الآخر الذي يدعي الطاعن أنه ترك بجواره اللفافة وعن اسم ذلك الشخص ولم تتصل هذه المناقشة بمركز الطاعن في التهمة المسندة إليه، فإن هذه المناقشة لا تعد في صحيح القانون استجوابًا ولا يرد عليها الحظر ولا تحتاج إلى إقرار سكوتي في قبولها أو اعتراض إجراءات

مشيرا إلى إن الاستجواب الذي يحظره القانون في المادة 137 من قانون تحقيق الجنايات هو على ما يستفاد من عبارة النص، مناقشة المتهم على وجه مفصل بمعرفة كل من المدافع عنه والنيابة العمومية والمدعي بالحقوق المدنية والمحكمة في التهمة الموجهة إليه وظروف ارتكابها ومجابهته بأدلة الإثبات القائمة عليه ومناقشته في كل ما يجيب به..للوصول منه، بناء على ما يصدر من لسانه هو، إلى حقيقة ما وقع.

مؤكدا أن هذا الاستجواب الذي يماثل تمامًا مناقشة الشهود هو الذي لا يجيزه القانون إلا بناء على طلب المتهم. أما توجيه بعض أسئلة من المحكمة إلى المتهم للاستفسار عن بعض نقط متعلقة بأدلة الثبوت فجائز بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة التي تقول بأنه "إذا ظهر أثناء نظر الدعوى بعض وقائع يرى لزوم تقديم إيضاحات عنها من المتهم لظهور الحقيقة فيطلب القاضي منه الالتفات إلهيا ويرخص له في تقديم تلك الإيضاحات"، ولا يؤثر في ذلك أن يكون توجيهه هذه الأسئلة عند البدء في نظر الدعوى قبل سماع الشهود وقبل المرافعة والمناقشة ما دام سببه سبق إطلاع المحكمة على أوراق الدعوى المعروضة عليها لاستخلاص ما ترى استخلاصه منها، سواء للمتهم أو عليه، وكذلك الحال إذا لم تطلب المحكمة إلى المتهم الالتفات إليه، لأن هذا الالتفات من جانب المتهم في حق نفسه، فإغفاله من جانب المحكمة طواعية واختيارًا دون أن يبدو من أو من المدافع عنه أي اعتراض. فإذا كان الثابت بمحضر الجلسة هو أن المحكمة سألت الطاعن عن التهمة فأنكرها وقص روايته عن الحادث فوجهت إليه بعض أسئلة فأجاب عليها دون اعتراض من أحد، فلا محل لما ينعاه الطاعن على المحكمة في هذا الشأن

كما يحظر الاستجواب إنما قرر لمصلحة المتهم، فللمتهم أن يقبل استجوابه ولو ضمنًا، ولا بطلان إذا حصل الاستجواب دون اعتراض المتهم أو اعتراض محاميه. فإذا كان الثابت بمحضر الجلسة أن المتهمين قد ظلا يجيبان على أسئلة المحكمة دون اعتراض منهما أو من الحاضرين عنهما، وأنه عندما اعترض الدفاع على الاستجواب لم تسترسل المحكمة فيه، فلا تثريب على المحكمة في ذلك.

وقال عبدالسلام: إن طلب الاستجواب موكول إلى المتهم شخصيًا فهو صاحب الشأن الأصلي ف الإدلاء بما يريد الإدلاء به لدى المحكمة، أما مهمة المحامي فهي معاونة المتهم في الدفاع بتقديم جميع الأوجه التي يراها في مصلحته، سواء كانت متعلقة بالموضوع أو بالقانون. فإذا ما أصر المتهم برغم من معارضة محاميه أو نصحه إليه على أن يتقدم للمحكمة بدفاع أو بطلب استجواب عن أمور يرى من مصلحته الكشف عنها، كان على المحكمة أن تجيبه إلى طلبه وتستمع إلى أقواله وتستجوبه فيما طلب الاستجواب

كما تنص المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأولى على أن "لا يجوز استجواب المتهم إلا إذا قبل ذلك" بما مفاده أن الاستجواب بما يعنيه من مناقشة المتهم على وجه مفصل في الأدلة القائمة في الدعوى إثباتًا أو نفيًا أثناء نظرها سواء كان ذلك من المحكمة أو من المدافعين عنهم ـ لما له من خطورة ظاهرة ـ لا يصح إلا بناء على طلب المتهم نفسه بيديه في الجلسة بعد تقديره لموقفه وما تقتضيه مصلحته باعتباره صاحب الشأن الأصلي في الإدلاء بما يريد الإدلاء به لدى المحكمة ـ وإذ كان ذلك ـ وكان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة استجوابه فيما نسب إليه بل اقتصر على إنكار المتهمة عند سؤالها عنها وهو لا يدعي في طعنه بأن المحكمة منعته من إبداء ما يروم من أقوال أو دفاع، فإن ما ينعاه على الحكم من إخلال بحق الدفاع بقالة أن المحكمة لم تقم من تلقاء نفسها باستجوابه في التهمة المسندة إليه ـ يكون غير سديد.

وأضاف بأن حق المتهم في الدفع ببطلان الإجراءات المبني على أن المحكمة استجوبته يسقط وفقًا للفقرة الأولى من المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية إذا حصل الاستجواب بحضور محاميه ولم يبد اعتراضًا عليه لأن ذلك يدل على أن مصلحته لم تتأثر بالاستجواب. وإذ كان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن مناقشة المحكمة للطاعن تمت باختياره في حضور محاميه الذي لم يعترض على هذا الإجراء فإنه لا يجوز له أن يدعي بطلان الإجراءات.

وأكد أن الاستجواب المحظور قانونًا في طور المحاكمة وفقًا لنص المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية هو مناقشة المتهم على وجه مفصل في الأدلة القائمة في الدعوى إثباتًا ونفيًا في أثناء نظرها. وهو مقرر لمصلحة المتهم له التنازل عنه صراحة أو ضمنًا، وعدم اعتراضه على الأسئلة التي وجهت إليه وإجابته عليها يعد تنازلا.

مشيرا إلى أنه لما كان استجواب المتهم بجلسة المحاكمة قد تم بموافقته، وما كان للمحكمة أن تجبره على الاستجواب أو الإجابة على أسئلتها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سليم.
الجريدة الرسمية