رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا وراء تساؤلات المستشار «سمير كمال»؟!


في كلمته بمناسبة انطلاق فعاليات التدريب القضائي لأعضاء النيابة الإدارية.. أزاح المستشار "سمير كمال"، مدير التفتيش الفني الستار عن العديد من أوجه القصور والثغرات التي تعوق فعالية دور النيابة للقضاء على الفساد الوظيفي وتوفر منافذ لهروب الفاسدين والمفسدين من المسئولية عن جرائم الفساد المالي والإداري التي يرتكبونها.


والمستشار "سمير كمال" لمن لا يعلم أحد كبار رموز قضاة التحقيق التأديبي وصاحب مسيرة قضائية مشرفة، عمل بجميع الوظائف القضائية بالنيابات والمكاتب الفنية وفروع الدعوى التأديبية وإدارتها إلى أن تولى رئاسة التفتيش الفني بالنيابة الإدارية.. ولذلك فهو حين يتحدث عن أوجه قصور، فإن الصالح العام يقتضي الإنصات له، وأخذ ملاحظاته مأخذ الجد، لأنها نتاج خبرات عملية ومعايشة لقضايا ورؤية ووعي بمرامي القانون وأهدافه وما ينبغي أن يكون.

وضع الرجل يده على نقاط الضعف بقانون النيابة الإدارية يمكن أن نوجزها بحسب كلمته فيما يلي:

طالب "كمال" بسرعة تعديل قانون النيابة الإدارية ومنحها صلاحيات تمكنها من التصدي لكل أشكال الفساد في أي جهة تسهم الدولة فيها بأموالها، خاصة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يتصدى للفساد بقوة، مشيرًا إلى أن النيابة نجحت في التصدي للفساد والمفسدين رغم أن محاربة الفساد في الجهاز الإداري معركة صعبة فشلت الدولة لعقود طويلة في التصدي له.

وقال: إن غرض إنشاء النيابة عام 1954 هو مواجهة الفساد المالي والإداري في الجهاز الحكومي والتحقيق في الجرائم التي يرتكبها الموظف العام والكشف عن أوجه القصور في النظم والإجراءات مع الحرص على حماية صغار الموظفين من تعسف الرؤساء، مؤكدًا أن اصباغ الطابع القضائي على التحقيق الإداري مع توفير الضمانات القانونية جعل للنيابة الإدارية اسلوبًا مميزًا في التأديب مستندًا لأدلة ثابتة ودامغة ونصوص قانونية.

وأشار إلى أن البداية القوية بعد ثورة 1952 واجهت عقبات ومشكلات عديدة تمثلت في عدم رضاء مراكز القوى حينذاك بسبب التحقيق مع كبار المسئولين في جهاتهم، وهو ما اعتبروه تدخلًا في شئونهم وهيئاتهم ومشاركتهم السلطة على مرءوسيهم وأن هذه الإشكاليات فرضت نوعًا من التحجيم لعمل واختصاصات الجهاز الوليد مع عدم قدرة المشرع على إيجاد توازن بين اختصاصات النيابة والجهات الأخرى.

وأردف: إن تهميش دور النيابة الإدارية أدى إلى خروج العديد من الجهات الإدارية من دائرة اختصاصها، حيث ساعد ذلك إلى أن أصبحت النيابة تستمد اختصاصها من قوانين تلك الجهات، والأغرب أن قانون النيابة لم يتمكن من إلزام تلك الجهات في الامتثال لرأيها بخلاف ضعف العقوبات الواردة بقوانين العاملين والخدمة المدنية، مما أدى إلى الاستهانة بالجزاء التأديبي.

طرح المستشار "سمير كمال" 4 تساؤلات مهمة أولها حول إمكانية إعادة النظر في نظام تقسيم الجرائم التي يرتكبها الموظف العام إلى جرائم عامة وجرائم تأديبية إذا كان الفعل واحدًا، وهل من الأنسب أن تتولى جهة واحدة التحقيق في هذه الجرائم أم أن يظل الوضع على ما هو عليه.

والثانى: هل تستطيع النيابة الإدارية ممارسة محاربة الفساد الوظيفي بمقتضى قانون لا ينص صراحة على الجهات الخاضعة لولايتها ويجعل تحديد هذا الاختصاص ملكًا وحكرًا لتلك الجهات بالنص عليه في قانونها، وهل تستطيع النيابة محاربة الفساد دون الزام الجهات بما تنتهي إليه.

وتابع: التساؤل الثالث وهو هل من المناسب إسناد التحقيق مع العاملين بالجهاز الإداري لهيئة قضائية عريقة بلغ عدد أعضائها من القضاة والكوادر المدربة قضائيًّا 4477 عضوًا ومع ذلك تشاركها ذات الاختصاص الإدارات القانونية بالوزارات والأجهزة الحكومية بما يؤدي إلى ازدواجية العمل.

وواصل: "التساؤل الأخير حول عدم تحقيق العقوبات المنصوص عليها بقانون الخدمة المدنية وقوانين الجهات الاخرى الردع لرتكبى جرائم الفساد في ضوء استهانة جزء كبير من العاملين بهذه العقوبات فقد بات ضروريًا مراجعة تلك العقوبات مع إضافة عقوبات أخرى أكثر ردعًا.

وفي الختام: فإننا نهتف للدكتور، رئيس مجلس النواب والمستشار وزير العدل والمستشار، وزير الدولة للشئون القانونية لدراسة هذه النقاط التي أوجزها المستشار سمير كمال بحكمته وترجمتها إلى قانون يعالج الخلل التشريعي للقضاء على الفساد الوظيفي المنتشر تحقيقًا للصالح العام والعدالة المنشودة.. وللحديث بقية!
الجريدة الرسمية