رئيس التحرير
عصام كامل

«أحد الشعانين».. محبة الله في مواجهة خيانة البشر

فيتو

أوراق خضراء متناثرة في شوارع الحي الذي يشهد أكبر تجمع للأقباط، عربات الباعة الجائلين المحملة بالأوراق الخضراء الطويلة، تجذب أنظار المارة كبارا وصغارا، في حي «شبرا» الذي يشهد تجمعا كبيرا للأقباط، تتراص «عربات» الباعة الجائلين محملة بـ«الزعف»، يشكله الباعة عدة أشكال، منها «القلوب» في إشارة إلى المحبة، وأخرى «تاج» إشارة إلى الملك، و«الصليب» الذي يرمز إلى الآلام التي تحملها السيد المسيح.


الأطفال يتلقفون «السعف»، يختارون الشكل دون إدراك المعنى، الابتسامة ترتسم على وجوههم، نظرة «امتنان» تتلقاها الأم من طفلها فور فوزه بـ«قلب النخلة»، مقابل النقود التي دفعتها، الباعة يتفنون في تشكيل «السعف» لجذب «الزبائن».

«أحد الشعانين»، هو الأحد السابع من الصوم الكبير والأخير قبل عيد الفصح أو القيامة، ويبدأ بـ«أسبوع الآلام»، وهو يوم ذكرى دخول يسوع إلى مدينة القدس، ويسمى أيضا بأحد السعف أو الزيتونة؛ لأن أهالي القدس استقبلوه بالسعف والزيتون المزين، مفترشين ثيابه وأغصان الأشجار والنخيل تحته.

لا يخرج شكل «السعف» عن الأشكال الثلاثة، أولها «التاج» وهو يشير إلى «الملك»، اليهود قديما استقبلوا المسيح كـ«الملك»، حيث هتفوا عندما جاءهم المسيح مستقلا «جحش ابن أتان»: «أوصنا لملك اليهود.. أوصنا لابن داود»، بعدما ألقوا بـ«زعف النخيل» و«ثيابهم» أمام المسيح، وكانت لديهم رغبة في تخليص المسيح لهم من «ذل الرومان».

يحتفظ الأقباط أيضا في ذكرى «أحد الشعانين»، بمحبة المسيح لهم، فتجدهم يشكلون «السعف» على شكل «قلب»، في إشارة إلى المحبة التي هي محور العلاقة بين الله والإنسان، وتجسدت في وجود «المسيح» بينهم على الأرض.

المحبة والرغبة في أن يكون ملكا، لم تستمر طويلا، فسرعان ما تبدلت بـ«الخيانة»، واليهود أنفسهم الذين هتفوا للمسيح باعتباره «الملك»، هم من هتفوا أمام «الولي الروماني»: «اصلبه.. اصلبه.. دمه علينا وعلى أولادنا»، لذا كان «الصليب» حاضرا في «أحد الشعانين»، لتذكر «محبة الله» أمام «خيانة الإنسان».

«شعانين»، جاءت أيضا من الكلمة العبرانية «هو شيعة نان»، وتعني «يا رب خلص»، ومنها تشتق الكلمة اليونانية «أوصنا» وهي الكلمة التي استخدمت في الإنجيل من قبل الرسل والمبشرين، وهي الكلمة التي استخدمها أهالي أورشليم، عند استقبال المسيح.

ذكرى «أحد الشعانين» يتبعه ما يعرف لدى الأقباط بـ«أسبوع الآلام»، وهو الأسبوع الذي شهد محاكمة المسيح حتى صلبه، كما أنه يحمل هذا العام ذكرى تفجيرات «طنطا والإسكندرية»، والتي تترك غصة في قلوب الجميع، وتذكر أيضا بواقع الخيانة على القلوب المحبة.
الجريدة الرسمية