شيء من الأمل ومصر أولا أيضا
يتداول روس نكتة تقول إن تيريزا منأى رئيسة وزراء بريطانيا اتصلت بالرئيس الروسى بوتين لتشكو له أن عملاء لمخابراته قد حاولوا قتل الجاسوس الروسى المزدوج سيرجى سكريبال.. فسألها بوتين: حاولوا أم قتلوا.. فأجابت عليه قائلة: حاولوا قتل.. فقال لها بوتين إذن هؤلاء ليسوا عملاء لمخابراتى!.. أي أن رجال المخابرات الروسية لا يفشلون في محاولاتهم..
غير أن بوتين الذي نفى الاتهامات البريطانية لروسيا بمحاولة قتل الجاسوس المزدوج سيرجى لم ينفها استنادا لما تداولته هذه النكتة، وإنما استنادا إلى أن روسيا لا تحوز هذا النوع من غاز الأعصاب الذي يقول البريطانيون إن محاولة القتل تمت به، كما أبدى استعداد روسيا للمشاركة في التحقيقات الدائرة بخصوص ذلك الأمر والتعاون مع السلطات البريطانية.. ومع ذلك رفض البريطانيون ما قاله الروس وأصروا على تصعيد الأمر واتخاذ إجراءات عقابية ضد روسيا، كان أبرزها طرد ٢٣ دبلوماسيا روسيا في بريطانيا.
إلا أن الأمر لم يقتصر على ذلك فقط بل سعت بريطانيا إلى حشد أوروبا كلها ومعها الولايات المتحدة الأمريكية ضد روسيا.. وفى يوم واحد تم طرد نحو ١٢٦ دبلوماسيا روسيا من أمريكا ودوّل الاتحاد الورقى ومعها أوكرانيا وأستراليا وكندا والنرويج ومقدونيا، منهم ٦٠ دبلوماسيا روسيا من أمريكا وحدها، وذلك تضامنا مع بريطانيا في موقفها، فضلا عن التهديد باتخاذ إجراءات العقابية اقتصادية جديدة ضد روسيا..
وهكذا يمكننا القول إن حربا باردة جديدة قد بدأت فعلا على المستوى العالمي، بدلا من تلك التوقعات العالمية التي انتعشت بتحسن في العلاقات الروسية الأمريكية لتولى ترامب رئاسة أمريكا، خاصة أن هذه الهبة الغربية ضد روسيا، سبقها مواقف وتصرفات تقود العالم في اتجاه الحرب الباردة الجديدة، وكان أبرزها إعلان الوثيقة النووية الأمريكية الجديدة التي تعتبر روسيا أولا وبعدها الصين وإيران وكوريا الشمالية أعداء لأمريكا، وأيضًا إعلان ترامب قرارات تنذر بحرب تجارية ضد الصين.
إذن نحن على مشارف توتر عالمي جديد كبير، أو حرب باردة جديدة سوف تشهد مثلما شهدت الحرب الباردة السابقة التي شهدها العالم بعد الحرب العالمية الثانية استقطابا دوليا بالطبع، بدأت بوادره في ذلك الاحتشاد المغربى ضد روسيا مؤخرا.. وهنا يجب أن نسأل أنفسنا ماذا نحن فاعلون؟.. أو كيف سنتصرف وندير سياساتنا الخارجية في ظل استقطاب دولى جديد، يطالبنا أطرافه بالانحياز له؟..
والإجابة تحتاج منا بالطبع لدراسة وافية وتفصيلية، ولكنها يجب أن تستند إلى مصلحتنا أساسا.. نحن نرحب بعلاقات مع الجميع ما دامت تحقق المصلحة المصرية.. وأيضًا ما دام هؤلاء لا يتدخلون في شئوننا، ولا يفرضون علينا شيئا يتعارض مع مصلحتنا وأمننا القومى.. وإذا كان ترامب يرفع شعار أمريكا أولا فإننا أحرى بأن نرفع شعار مصر أولا.