منتخب مصر يهزم الخوف
بعيدا عن التحليل الرياضي الذي يجيده كل مصري، بدءا من مقاهي الحواري وانتهاء بنجوم الفضائيات، فإن مباراة مصر والبرتغال لم تكن حسب تصوري في كرة القدم، فالكراسي التي سدت الشوارع والأزقة والحواري إنما كانت حالة وطنية فريدة، ومحركا قوميا نادرا ما تراه في غير مباريات كرة القدم، ليس لأننا شعب سطحى، وإنما لأننا شعوب لا تجد مضمارا للمنافسة الشريفة إلا في الرياضة.
أكثر من صديق هاتفني سائلا: أين ستشاهد المباراة ؟!
حالة من القلق أكثر عمقا من قلق مباريات كرة القدم انتابت الناس، جماهير عريضة أمام الشاشات تراقب كل شاردة وواردة، أصوات تتعالى بين الحين والحين كلما طاف بمرمانا مهاجم برتغالى مغامر، وكلما سارت الكرة في طريق من الأمل إلى معشوق المصريين محمد صلاح، حالة إنسانية فريدة ومدهشة ومثيرة.
هدف محمد صلاح لم يكن مجرد كرة ماكرة سكنت شباك الخصم المبهر في أدائه، وأيضا لم يكن هدفا رونالدو مجرد كرة دخلت مرمى الشناوي، هدف صلاح كان قدرة وإرادة وأمل، وهدفا رونالدو كانا زلزالين جبارين هددا الأمل الذي لم يكن أمامه سوى دقيقتين، وينقلنا إلى براح القدرة على الفعل الإيجابي، وإثبات الذات في معركة وضع اسم الوطن بين الكبار.
حالة الترقب والحذر والقلق الجماهيري كانت واحدة من ملامح عشق أبدى لبلاد هزمها الجهل لعقود طويلة، وتبحث عن أمل حتى لو كان هذا الأمل مجرد كرة مستديرة، يتقافزها ممثلون شعبيون عنا، قوامهم ١١ رجلا تم اختيارهم بعناية، ليثبتوا للأجيال الجديدة أننا لا نزال قادرين على فعل شيء!