انتحار مذيع
ينتحر الشخص إذا اكتأب أو أدمن، أو عانى اقتصاديًا أو اجتماعيًا بسبب العزلة، أو بسبب ميول جنسية غير طبيعية كالمثلية، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية فقد انتحر أكثر من مليون شخص العام الماضي.
وينتحر المذيع مهنيًا عندما يشذ فيفقد التواصل مع الواقع، وعندما يدمن الكذب بسبب كثرة أجنداته، وإصراره على ألا يرى إلا ما يراه من دفعوا له أو دفعوا به إلى الشاشة، ووفقًا للمتابعة مع قياسات الرأي.. فقد انتحر العديد من المذيعين، مثلما انتحرت مؤسسات صحفية حادت عن مسارها الصحيح في الفترة الأخيرة.
أزعم أنني أتابع معتز مطر في قناة الشرق مثلما أتابع غيره في قنوات أخرى، وأزعم أنه ليس إخوانيًا ولا سلفيًا ولا علمانيًا ولا ناصريًا، فلم يجرب عليه أحد أشياء من هذا القبيل، كما أنه كان يحظى بنسبة مشاهدة كبيرة عندما عمل في قنوات مصرية، وكاذب من يدعي غير ذلك، وكاذب من لا يرى أن معتز حقق جماهيرية في الخارج باصطياده زلات من تسللوا إلى الشاشة وهم يفتقدون المهنية.. هؤلاء الذين قرروا الانتحار عندما ضربوا رءوسهم في حائط الإعلام بحثًا عن النجومية..
ولأن الجماهيرية التي تبنى على اصطياد زلات الآخرين لا تستمر بسبب هشاشتها؛ ولأن صائد الزلات لا يمكن وضعه في خانة المعارضين، فقد قرر معتز الانتحار هو الآخر، انتحر عندما أجبر على الدفاع عن الإخوان وعقيدتهم وهو ليس منهم، وأجبر على الدفاع عن أردوغان وحماقاته ولم تربطه به علاقة، وصار المدافع الأول عن قطر وجنوحها ولم يضبط في علاقة سابقة مع نظامها.
إنها فرصة العمل التي عجز "معتز" عن إيجادها في مصر فأوجدها له الإخوان في الخارج، ولو عمل "معتز" في قناة مصرية لما أقدم على الانتحار، شأنه في ذلك شأن كثيرين وجدوا في قنوات الإخوان ملاذًا لهم.
الأسبوع الماضي عرض "معتز مطر" تقريرًا مطولًا مليئًا بالأكاذيب عن عمل العسكريين في وزارة التربية والتعليم، حيث تضمن التقرير شخصيات ماتت منذ سنوات، وأخرى أحيلت للتقاعد، ودفع بأسماء ادعى كذبًا أنها عسكرية، حتى الدكتور الهلالي الشربيني، وزير التربية والتعليم، الذي تضمن التقرير تصريحات له على أنه الوزير الحالي.. ترك منصبه منذ عام في التغيير الوزاري قبل الأخير، وللأسف لم يشر أي مذيع إلى هذه الأخطاء، حتى الذين يهاجمهم معتز ودأب على اصطياد أخطائهم.
لقد تورط "معتز" مع الإخوان فأصبح يرى بعينهم، ويفكر بعقلهم، لم أر في برنامجه إلا سوادًا وغلًا وحقدًا، وليته كان موضوعيًا في نقده، لكن بحثه المستمر عن الأخطاء وليِّه للحقائق وتحريضه للمواطنين ضد النظام.. أفقده أدنى حدود المصداقية وساقه إلى الانتحار.
basher_hassan@hotmail.com