رئيس التحرير
عصام كامل

قصة مهاجر يمني أصبح قائدًا في شرطة نيويورك (صور)

فيتو

لم تكن أحلام الطفل الصغير "جميل صالح" تختلف عن أحلام أي طفل يمني.. "جميل" الذي ولِد في أسرة متواضعة في قرية المعاينة في مديرية رداع بمحافظة البيضاء باليمن لم يكن يعلم أن القدر سيأخذه لأبعد من أحلام صبي بعمر الثالث سنوات، حين انتقل مع والده إلى الولايات المتحدة ليصبح بعدها قائدا لشرطة نيويورك، حسب ما نقله موقع «العربية نت».


سنوات الدراسة
ويؤكد "جميل"، "منذ صغر سني كنتُ معجبًا جدًا برجال الشرطة والأمن، ليتحول هذا الإعجاب إلى عمل رسمي، بعد انضمامي لأكاديمية الشرطة بعمر الـ21 عامًا، وحاولت حينها التوفيق بين العمل والدراسة فحصلت على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال والمالية، ثم درجة الماجستير في إدارة الموارد البشرية من جامعة سيتون هول، وشهادة الإنجاز في المحاسبة من كلية بروكلين، كذلك حصلت على شهادة الدراسات العليا في الشرطة في المدينة متعددة الثقافات من كلية جون جاي للعدالة الجنائية، كما حصلت على شهادة الإنجاز في العدالة الجنائية من جامعة فرجينيا، تخرجت من الأكاديمية الوطنية لمكتب التحقيقات الفدرالي في كوانتيكو بولاية فرجينيا".

قائد شرطة
ويُعد جميل الطاهري أول مسئول شرطة مسلم يحضر دروس أكاديمية FBI الوطنية، وانضم جميل إلى قسم البحث واستمر في الترقية حتى أصبح "مسئولا أول" ثم تلى ذلك ترقيته ليصبح قائد شرطة في إدارة شرطة نيويورك ومسئول تنفيذي في منطقة 23 هارلم الشرقية في مانهاتن، وهو المؤسس المشارك لجمعية الضباط المسلمين في نيويورك،كما أنه أول يمني وعربي يصل لهذا المنصب في نيويورك وأمريكا.

العربي الوحيد
يخدم في شرطة نيويورك ما يقارب من 36 ألف ضابط، منهم نحو 1000 مسلم، إلا أن العرب لا يشكلون أرقامًا كبيرة في الشرطة الأمريكية.

ويقول "جميل"، "غالبًا ما يركز المهاجرون العرب لأمريكا على الأعمال التجارية، ما الذي جعلك تتجه للعمل في الشرطة؟.. بالنسبة لي بدأ الأمر كهواية، خاصةً أنه كان لدى أقارب وأعمام يعملون في قطاع الجيش والأمن في اليمن، وهو ما جعلني أنجذب لهذا النوع من العمل حيث تأثرت بهم والعمل في مجال الشرطة مثل العمل في أي مجال، يجب أن يكون هنالك رغبة في العمل لتحقيق النجاح".

نظرة الأمريكيين
ويقول "جميل"، "حاليًا تغيرت نظرة الأمريكيين نحو العرب، سابقا كانت النظرة سلبية جدًا، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، ولكن الآن الوضع تبدل، هنالك طبعًا تحديات وصعوبات وما زال هنالك نوع من العنصرية، لكن لم تعد النظرة الأمريكية كما كانت، خاصةً أن المسلمين انخرطوا في عدة مجالات وارتفعت نسبة المسلمين المقيمين في أمريكا أكثر من السابق، كما أن نشاطات الجاليات العربية والمسلمين من أجل تحسين النظرة تجاهنا نجحت في تحقيق الهدف".

ويضيف، "بالرغم أنه كانت هناك صعوبات وعنصرية حتى في قطاع الشرطة، لكن دورنا كمسلمين هو تحسين الصورة ليس فقط بالكلام وإنما أيضًا بالتعامل والأخلاق التي دعانا إليها الإسلام، نحتاج أن نحترم بعضنا البعض، نحب بعضنا بعضًا، نتقبل بعضنا بعضًا، نحن لسنا بحاجة للجدران، نحن بحاجة إلى جسور بيننا".

دور العرب
ويوضح، "دورنا كعرب ومسلمين في الأمن الأمريكي هو تحسين الصورة طبعًا، فأمريكا هي بلد مهاجرين وهي بلد للجميع ومن ضمنهم العرب والمسلمين".

ويؤكد، "حاليًا نحن بدأنا في لعب دور في الحفاظ على الأمن والسلامة العامة، ولكن دورنا أيضا أن نعلّم أعضاء الجاليات حقوقهم وكذلك القوانين ونعمل على تقريب العلاقات بين الأمن والمسلمين والعرب ونحسّن العلاقة".

ويحاول "جميل" أن يقرب وجهات النظر والدعوة إلى التسامح حيث يسافر إلى عدة مدن أمريكية ليتحدث في المساجد والمعابد والكنائس من أجل تعزيز السلام، وقد ألقى جميل خطبة في أحد المساجد لنبذ العنف والتطرف، في أعقاب حادثة إطلاق النار في مدينة أورلاندو.

التحديات والمشكلات
وعن أبرز المشاكل والتحديات التي تواجه العرب في أمريكا، أكد "جميل" أنها مشكلات بين العرب أنفسهم حيث تجدهم على عكس الجاليات الأخرى متفرقين، ما نعمل عليه هو أن تصبح الجاليات العربية يدًا واحدة وصوتًا واحدًا، أبرز التحديات هي محاولة تحسين العلاقات بين العرب قبل تحسينها مع الجاليات الأخرى، حتى يكون لنا دور حقيقي في أمريكا.

الجالية اليمنية
وأوضح أنه لم يكن هناك أي نشاطات للجالية اليمنية في مدينة نيويورك بسبب قيام الجالية ببيع المقر السابق، وكانت كل الأنشطة التي تقام فردية، وغالبها كانت تقليدية ولا تتعدى لقاءات لتناول وجبة العشاء.

وأضاف، "لم يكن صوت الجالية مسموعا للأسف، ولم يكن هناك أي نشاطات تذكر بسبب غياب مقر يجمع نشاطات الجالية، لكننا عدنا للعمل من أجل إحياء نشاط الجالية، ومنذ سبعة أشهر تم تكريمي بعد تمكننا من شراء مبنى خاص بالجالية، وهي أولى الخطوات في طريق استعادة مكانة الجالية اليمنية في مدينة نيويورك، حيث قمنا بتسجيل نادي الجالية لكرة القدم كنادٍ مسجل رسميًا ومعتمد، وكذلك بدأنا في العمل على إنشاء برامج للأطفال حيث سيتم عقد دروس ومراجعات لمساعدتهم في الواجبات".

ولفت،" قمنا بعمل دورات لتعليم اللغة الإنجليزية لربات البيوت التي لا يستطعن التحدث باللغة الإنجليزية، ولا يجدن فرصة لتعلمها بسبب انشغال أزواجهن في العمل، هذه أبرز الأنشطة التي وجدنا أن الجالية اليمنية تحتاجها، لذا نعمل على توفير حلول لها ونعمل على التعاقد مع محامٍ ليصبح ممثلا للجالية اليمنية خاصة في قضايا الهجرة والمشكلات التي تواجه اليمنيين داخل الولايات المتحدة، بالإضافة لمساعدة الراغبين في الحصول على الجنسية الأمريكية، كما نحضّر نشاطات لتنمية مهارات المهاجرين الجدد".

طموح المستقبل
وأوضح " والدي يشجعني وأنا طفل صغير ويقول لي "أتمنى يا جميل أن تصبح رئيسا لليمن"، وأنا منذ صغري كنت وما زلت أزرع حبا، اليمن في قلبي، وكنت أتمنى لو تتاح لي الفرصة بالتقاعد هنا في أمريكا لأعود إلى اليمن لأخدم بلدي الأم، لكن كل هذا بمشيئة الله ولا أحد يعلم ما هو الدور الذي سيقوم به في المستقبل".

وأكد، "أنا حاليًا في منصب قائد شرطة وأعمل على تحضير رسالة الدكتوراه وأطمح خلال السنوات الخمس القادمة أن يكون لي دور في الجانب السياسي والاجتماعي بعد التقاعد من الشرطة".
الجريدة الرسمية