تطوير السكة يبدأ من الشبر!
زميلنا الكاتب الصحفي النابه "مصطفى بركات" أول من استرعى انتباهه صورة وزير النقل، وهو يقيس بالشبر المسافة بين فلنكات القطار، تلك اللقطة التي كان لها تأثير السحر على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يظهر الوزير وهو يقيس بيده وبطريقة الشبر المسافة بين الفلنكات، في مشهد ينتمي إلى عصور الجاهلية الأولى، وفي وقت نتحدث فيه عن تشغيل آلي وتحكم إلكتروني بالأقمار الصناعية وروبوت وبرامج صيانة بالكمبيوتر!!
في اليوم التالي لحادث قطار المناشي الذي حصد أرواح عدد من البشر، قد يقارب عدد ضحايا الغوطة الشرقية في سوريا، التي يتعارك على أرضها كل قوى الشر العالمية، تحدثت وسائل الإعلام عن تطوير للسكة الحديد يقوده المهندس إبراهيم محلب، وبتكلفة تزيد على الـ٢٥٠ مليار جنيه، وهو الرقم الذي دفع المهندس ممدوح حمزة إلى الإعلان عن استعداده للتطوير بنصف المبلغ المرصود.
المثير أن خطة التطوير حبيسة أدراج المهندس إبراهيم محلب منذ أن كان رئيسًا للوزراء، وقد عكف عليها نخبة من خبراء مصر في عهد الوزير الدكتور سعد الجيوشي وزير النقل الأسبق، ولا تحتاج إلا إلى إرادة حقيقية في حقن الدماء، والحفاظ على أرواح المصريين، والخطة لا تتضمن لوغاريتمات، وليست بحاجة إلى معجزة، وهي بالمناسبة يمكن تطبيقها دون الحاجة إلى «شبر الوزير» أو افتكاساته المهينة.
وسكك حديد مصر واحدة من قصص الفساد المستشري في عظام الدولة المصرية، وأعتقد أن الحل الحقيقي يكمن في إسناد أمر الإشراف إلى القوات المسلحة لعدة أسباب، أولها توفر الإرادة، وثانيها القدرة على تغيير البنية القانونية، وثالثها أن التطوير معركة حقيقية تحتاج إلى مؤسسة نافذة وقادرة.. مؤسسة يثق فيها الجميع.
