رئيس التحرير
عصام كامل

رسائل البحر تحكي قصص أصحابها.. العثور على زجاجة تحمل تاريخ سفينة «بولا» بأستراليا.. كلمات حب من زوج لزوجته خلال الحرب العالمية الثانية.. وضع رسالة ركاب تيتانك بمعرض خاص.. وكلمات تكتب ميلاد ص

فيتو

تبدو فكرة كتابة رسالة ووضعها في زجاجة وإلقائها في البحر، مجرد عادة ورغبة في التنفيس عما في نفوس صاحبها من مشاعر، ولا يعلم كثيرون أن تلك الرسائل ربما تكون تراثًا يحمل معاني مختلفة، بعدما تصل لأيادي عابرين على مختلف شواطئ العالم.


وفيما يلي نستعرض مضمون أبرز ما حوته تلك الرسائل في إشارات لأحداث تاريخية ربما تجاوزت عقودًا أو قرونًا، قبل وقوع تلك الرسائل بيد من كشفوها:

رسائل تاريخية
بعض تلك الرسائل كانت تاريخية، فعثر زوجان على أقدم رسالة في العالم، على أحد شواطئ غربي أستراليا، حيث وجدت "تونيا إلمان" رسالة داخل زجاجة، ملقاة على رمال الشاطئ، قرب جزيرة ويدج، حسب صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، وتبين أنها مطبوعة في ألمانيا، وكتبت بتاريخ 12 يونيو عام 1886، وتم المصادقة عليها من قبل متحف أستراليا الغربية.

ويقول مساعد أمين المتحف في علم الآثار البحرية، روس أندرسون: «إن الرسالة تم إلقاؤها من سفينة الإبحار الألمانية "بولا" عام 1886، لتعبر المحيط الهندي، على بعد 950 كيلومترًا من الساحل الأسترالي، وفى ذلك العام كانت السفن الألمانية تجري تجربة إلقاء آلاف الرسائل، لتتبع التيارات البحرية، ووضع في كل رسالة إحداثيات السفينة، وتاريخها واسمها، وهو ما ساعد أندرسون على استنتاج الحقائق السابقة.


أسرار رومانسية
ومن بين تلك الرسائل جانب تاريخي يحمل كلمات من الحب والرومانسية، حيث عثر الصياد ستيف جوان عام 1999 على زجاجة عالقة في شبكة صيده، تحتوي رسالتين، كتبتا بتاريخ، 9 سبتمبر عام 1914، من الجندي "توماس هيوز"، تَطلب الرسالة الأولى من الشخص الذي يعثر على الزجاجة إيصال الرسالة الثانية إلى زوجته إليزابيث.

كانت رسالة "توماس" لزوجته قصيرة، لكنها تظهر أنه يتذكرها، وهو في طريقه إلى فرنسا للقتال في أولى أيام الحرب العالمية الأولى، وكان يقول فيها: "زوجتي العزيزة، أكتب هذه الرسالة على القارب وسألقيها في البحر فقط لأعرف إذا كانت ستصلك أم لا، إذا وصلتك اكتبي وقت وتاريخ الاستلام واحتفظي بها جيدًا، قد كتبت اسمك وعنوانك، وداعًا في الوقت الحاضر.. زوجك المُحب"، وتوفي توماس بعد يومين من كتابة الرسالة، ولم يتمكن من رؤية زوجته وطفلته الرضيعة مرة أخرى.

شعر الصياد "ستيف" أن على عاتقه مسئولية تسليم الرسالة، مع يقينه من وفاة إليزابيث، إلا أنه بدأ البحث عن ذريتها، وسرعان ما علم أن إيميلي، ابنة توماس وإليزابيث هيوز، لا تزال حية في مدينة أوكلاند بنيوزيلندا، وبدأ رحلته مع زوجته ليُسلم الرسالة لإيميلي.

تقول إيميلي عندما تسلمت الرسالة: "مَلأت الرسالة حياتي وجعلتها ذات معنى، أَثرت فيَّ بشدة، وأعتقد أن والدي فخور الآن لوصول الرسالة، فقد كان رجلًا عطوفًا جدًا".


وداع من تيتانيك
من المعروف أي أثر من سفينة تيتانيك يهز جميع النفوس، فرغم أن السفينة غرقت فجر 15 أبريل عام 1912، ما زالت حكايات أصحابها تثير الفضول حتى الآن.

الشابان إرميا بيرك، 19 عامًا، وابن عمه نورا هيجارتي، 18 عامًا، من مدينة كورك في أيرلندا ركبا سفينة تيتانيك ليلحقا بعائلتهما التي كانت استقرت في مدينة "بوسطن" بالولايات المتحدة، وقبل السفر ودعت والدة بيرك ابنها وأهدته زجاجة تحتوي ماء مقدسًا، عندما شعر بيرك بغرق السفينة كتب رسالة أودعها تلك الزجاجة يقول فيها "من تيتانيك، وداعًا كل شيء، "بيرك" من "كورك"، ولم ينج ابنا العم من الغرق.

ظهرت الزجاجة التي تحوي رسالة بيرك على شاطئ البحر في مدينته على بعد عدة أميال من منزله بعد عام من غرق السفينة، وللأسف توفيت والدته حزنًا قبل العثور على الرسالة، ظلت الرسالة إرثًا عائليًا تحتفظ به عائلة بيرك قرنا من الزمان، حتى تبرع بها أحفاد العائلة عام 2011 إلى مركز التراث، وأصبحت جزءًا من معرض تيتانيك مع الميداليات والصور العسكرية، وبعض الآثار من السفينة المنكوبة.


صداقة من خلال البحر
برحلة عنوانها «البحث عن الصديق».. سافرت ساندرا موريس، وتبلغ من العمر 8 سنوات في شهر يوليو عام 1968، عبر عطلة في أوروبا مع عائلتها، وفي طريق العودة من خلال سفينة إلى منزلها بولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية، كتبت ساندرا رسالة ترجو فيها من يجدها أن يُراسلها على العنوان المُرفق، وضعت الرسالة في زجاجة نبيذ فارغة، وألقتها في أمواج المحيط الأطلسي.

بعد ثلاثة أشهر من العام ذاته، كانت تسير روزاليندا هاريس ممسكة بيد والدها على شاطئ ويلز في المملكة المتحدة، ووجدت زجاجة النبيذ، وبدأت المراسلة مع ساندرا، وخلق بينهما علاقة صداقة لمدة 40 عامًا.

تقول روزاليندا: "استمرت صداقتنا وتوطدت عبر مرور الأزمنة واختلافها، فانتقلت مراسلتنا من البحر إلى البريد الإلكتروني، مرورًا بالبريد الجوي"، مضيفة: "نَمت صداقتنا برسائلنا، أيضًا تشاركنا حياة متوازية بشكل مثير للدهشة، فكل منا لديه طفلان، صبي وفتاة".

التقت الصديقتان لأول مرة عام 1976، ثم تعارفت العائلتان عام 2000، وارتبط أبناؤهما بصداقة قوية معًا، وفي ذكرى صداقتها الأربعين، اجتمعت العائلتان معًا في مدينة ويلز، والتقطت روزاليندا وساندرا صورة، حيث بدأت صداقتهما غير العادية في المكان الذي وجدت "روزاليندا" فيه الرسالة.
الجريدة الرسمية