رئيس التحرير
عصام كامل

ينتظرون من الرئيس في ولايته الثانية (2)


الناس ينتظرون من الرئيس في ولايته الجديدة أن تختفي من حياتهم مفردات البطالة والأمية، وأن تتيح الدولة فرص عمل مناسبة لملايين الشباب الذين أنفق أهلهم أموالا طائلة على تعليمهم ثم ارتادوا المقاهي والشوارع بلا عمل، ناهيك عن المليارات التي أهدرتها الدولة على تعليم غير منتج وغير قادر على المنافسة في سوق العمل.. ألا يمكن للدولة أن تبحث عن هؤلاء لتدفع بهم لتعمير سيناء أو تقوم بتدريبهم على صناعات صغيرة هي كلمة السر في نهضة دول كثيرة كانت أقل منا ثم سبقتنا اقتصاديًا..


لماذا لا يبادر رجال الأعمال والبنوك لتبني الشباب المبدع ورعاية المواهب الذين يمكنهم ضخ مليارات الدولارات في شرايين الاقتصاد القومي، إذا ما أحسن توظيف عقولهم ومخترعاتهم في المجالات الحيوية وفائقة التقنية ولدينا منهم ما يؤهلنا للمنافسة العالمية؟

أما ظاهرة أطفال الشوارع، والتي نبه الرئيس السيسي إلى خطورتها، واصفًا إياهم بأنهم "أولادنا" وهو وصف مهذب، كما أمر بإنشاء صندوق لرعايتهم؛ إدراكًا منه بخطورة تركهم في الشوارع في مثل هذه الظروف؛ خصوصًا إذا علمنا أن أعدادهم بالملايين وهم معرضون –وهذا هو الخطر الأكبر- للاستغلال السياسي من قبل تيارات العنف والتطرف والجريمة المنظمة، كما أنهم عرضة أيضًا لتجار البشر وسماسرة الأعضاء البشرية، ناهيك عن احتمال انخراطهم في الإدمان وجرائم التحرش والسرقة وغيرها من الآفات الاجتماعية.. وللأسف لم تدلنا مؤسسة رسمية معتبرة على أرقامهم الحقيقية ولا على خريطة زمنية لاحتوائهم وإعادة إدماجهم في المجتمع للإفادة منهم حتى لا يكونوا وبالًا على البلد وخصمًا من رصيده.

الأمية أيضًا إشكالية كبرى؛ فهناك 14 مليون أمي يمثلون عائقًا حقيقيًا أمام التنمية والتحول الديمقراطي، فأغلبهم إن لم يكن جميعهم يرزحون تحت خط الفقر بما يعنيه ذلك من سوءات أخرى، فإذا أضفنا إليهم ذوي الأمراض المزمنة والعاطلين، فكيف يمكن لنا أن نتصور مجتمعا قادرًا على صناعة النهضة وقهر الصعاب إذا لم تبادر قواه الحية إلى جانب مؤسسات الدولة لاحتواء هذه الآفات وسرعة علاجها حتى لا يستفحل خطرها وتستعصي على العلاج..

ظني أن الرئيس السيسي يضع برنامجا شاملا لعلاج مثل هذه القضايا وغيرها بطريقته الحاسمة الناجزة توقيتًا وجودة.. برنامجا يجعل التعليم والصحة والإعلام والثقافة ركائز أساسية ومنطلقات لا غنى عنها حتى يعود لمصر ازدهارها وبهاؤها.

نحن في حاجة لتعليم عصري يبني العقل وينمي المهارات وطرق التفكير والابتكار وجامعات تكون جسورًا للنهضة وحلقة وصل بين عقول مصر ووحدات الإنتاج، جامعات تضع مصر على خريطة إنتاج العلم والمعرفة والمكتشفات والمخترعات.

نحن في حاجة إلى إعلام تنويري يسهم في خلق الوعي وبناء رأي عام رشيد وخطاب ديني مستنير يفي باحتياجات العصر ويعيد الاجتهاد الحقيقي الخلاق الذي يقدم صحيح الدين دون تشدد ولا انغلاق.. ولا يقل الخطاب الثقافي المتجدد أهمية في معركتنا مع الإرهاب والتطرف بل هو من أعمدة النهضة الحقيقية التي تحتاجها مصر للخروج منتصرة وقوية في معركة البناء والبقاء. 

فقراء مصر يستحقون الكثير لتحسين أحوالهم فهم حزب الأغلبية الصامتة الداعم الأكبر للدولة والرئيس.
الجريدة الرسمية