رئيس التحرير
عصام كامل

غول السكر


(جرب تشرب معلقة سكر واحدة على كوباية الشاى، أو أي مشروب لمدة أسبوع، بدلا من 3 أو 4 في الكوباية الواحدة، ستشعر بالمرارة في البدايات، حاول أن تستمر صامدا لمدة أسبوع، وبعد هذا الأسبوع، ارجع لعادتك القديمة واشرب تانى بكميات السكر الكبيرة اللى إنت كنت متعود عليها، هاتلاقى نفسك مش حابب تشرب سكر كتير زى الأول، وجسمك ارتاح جدا، واتعودت على الطعم "المسكَر" البسيط، جرب تحافظ على صحتك بتقليل هذا "السم الأبيض"، اللى هايتخزن في جسمك، وهاتحس بتأثيره بعدين، نصيحة لوجه الله يابنى).


نصيحة هامة وغالية، يستهين بها الكثيرون منا، قالها لى الدكتور "أيمن محروس" الأكاديمي الرياضي، صاحب السبعة وستين عاما، الذي كرس حياته وجهده ووقته وصحته لمحاربة هذا المرض اللعين "مرض السكر"، بالتقليل من تناول السكر وبالمشي كوسيلة فعالة لحرق السكر والدهون، وينفذها حرفيا بتناول الشاى على سبيل المثال، بمقدار كوب واحد يوميا فقط بربع ملعقة سكر! وبالمشي لمسافات طويلة.

أذكر في طفولتى أننى عندما أجوع، كنت أذهب إلى أمى، وألح عليها في عمل "سندوتش سكر"، كـ"تصبيرة" إلى أن ينضج الطعام!، وكانت تنهرنى رحمها الله مذكرة إياي باننى عرضة للإصابة بمرض السكر، نظرا لإصابتها هي به على مدار 45 عاما من عمرها.

الأخطر من سكر الكبار، والذي قد يظنه البعض بعيدا عنهم، سكر الأطفال، ولهذا تقع مسئولية مراقبة أغذية الأطفال، ورعاية صحتهم، والالتزام بالطعام الصحى لهم، قى المقام الأول، على عاتق الآباء والأمهات، فهم حملة أمانة تنمية أجساد هذه البراعم، التي ربما تشتهى كل ما هو "حلو ومسكَر" بإسراف شديد، ولا تدرك أن الخطورة تكمن فيه!.

في أحدث دراسة حول خطورة تناول السكريات، حذر معهد "ماكس بلانك" للتنمية البشرية من خطورة السكر على الأطفال بصفة خاصة، حيث يرفع خطر إصابتهم بتسوس الأسنان، والسِمنة وما يترتب عليها من أمراض خطيرة، كالسكري، وأمراض القلب والأوعية الدموية.

وينبه خبراء المعهد إلى حقيقة أخرى قد تكون غائبة عن أذهان الكثير من الآباء والأمهات، ألا وهى أن مادة السكر، لا توجد فقط في الحلويات والشوكولاتة والمشروبات الغازية والعصائر، بل قد تختبئ أيضًا في أغذية أخرى، مثل (الكاتشب وزبادي الفواكه، والبيتزا).

وتتزايد نسب أعداد الأطفال الذين يعانون من السكري من النوع الأول، (الذي يحتاج العلاج المباشر بالحقن بالانسولين)، وهو الأكثر شيوعًا، حيث تتراوح نسبته بين 90 – 95% من حالات السكري عند الأطفال، وينتج عن عدم قدرة البنكرياس على إنتاج الإنسولين.

وربما لو التزم الوالدين ببعض النصائح البسيطة من خلال عادات غذائية صحية لأطفالهم، لتحسن السلوك الغذائي كثيرا للصغار، ولاستطاعت كل اسرة حماية أبدانهم من "مرض" سيصاحبهم طوال حياتهم.

فترى ريهام شمس الدين، أخصائية التغذية أن كل أسرة عليها اتباع الاتى :
1- شجّعي طفلك على ضرورة عدم تفويت وجبات الطعام، وخاصةً وجبة الإفطار. حيث أن خلاف ذلك، "عدم الافطار"، يمكن أن يساهم في رفع مستويات السكر في الدم، وقيام الجسم بتخزين الدهون لحمايته من مستويات الطاقة المنخفضة.

2- شجّعيه على تناول عدّة وجبات في أوقات محدّدة خلال اليوم (كل 2-3 ساعة كحد أقصى)، بما يساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم.

3- تجنّبي السكريات البسيطة قدر الإمكان (الحلويات، البسكويت، العلكة "اللبان"، المعجنات، المشروبات الغازية، وغيرها)، حيث يمكن تناولها مرة واحدة في الأسبوع فقط كحد أقصى، كما يمكن استبدال الحلويات المنكّهة مثل الكاسترد وغيرها بالفواكه الطازجة واللبن الزبادي العادي أو الزبادي الذي يحتوي على الفواكه الطازجة.

4- شجّع طفلك على تناول الوجبات الخفيفة الصحية والمغذية، مثل الخضراوات والجزر والخيار مع الحمص أو الجبن، والفواكه الطازجة.

5- احرصي على تضمن الأطعمة الغنية بالألياف في وجباته (الخبز بالقمح الكامل، المكرونة بالقمح الكامل، الرز بالقمح الكامل، العدس، الفاصوليا، وغيرها)، واجعلي مثل هذه الأطعمة خيارك الأول، بدلًا من الأطعمة المكررة الخبز الأبيض والمعكرونة البيضاء، وغيرها.

6- خفّضي من كمية الملح في الطعام، وتجنّبي الأطعمة الجاهزة، والوجبات المجمدة والمخللات والمواد المعلبة، لأنها غنية جدًا بالصوديوم، فقط قدمي لطفلك الطعام الطازج والطبيعي دائمًا.

7- اتركي دائمًا في المطبخ بعض الوجبات الخفيفة الصحية في متناول أيدي الأطفال ليكون خيارهم المتاح بدلًا من البحث عن خيارات غير صحية.

8- شجّعيه على الحركة والنشاط، كممارسة ما يفضله من الرياضة لمدة 30 دقيقة على الأقل يوميًا.

9- قومي بتعريف طفلك بمخاطر السمنة والأمراض المصاحبة لها في صغرهم، وأيضًا على المدى الطويل.

أن صحة أطفالنا أمانة في أعناقنا إلى يوم الدين، فقد نحرمهم من "الاشتهاء"، في سبيل الوقاية والسلامة، ولكل أب وأم، لا تستهتر بخطورة "غول السكر" على صحة أطفالك.
الجريدة الرسمية