رئيس التحرير
عصام كامل

٦٠ سنة من الفرقة


ستون عامًا مضت على حلم الوحدة المصرية- السورية.. ضاعت سوريا وبقيت مصر وحيدة في محيطها، تتقاذفها أمواج الفوضى وتقصفها مدافع الإرهاب.. بفضل جيش وطني تعود مصر إلى سيرتها الأولى، وبفضل شعب أراد لها أن تبقى بقيت مصر، وبمؤامرات تورطت فيها عناصر وطنية سورية فقدنا نصفنا الثاني.. لم تبقَ دمشق كما كانت «زهرة يانعة تبث على الإنسانية أريجها وألوانها وكل عناصر الإسهام الحضاري».


ضاع الحلم المصري- السوري بعد أن أوكلناه إلى هواة، وقبل أن ندرك أن للوحدة أعداء، أشد خطرا من أعداء الانفراد الذي أرادوه لنا ولأمتنا.. ضاع الحلم الذي حققته أمم لا يربطها إلا رابط المصلحة، وغابت وحدة لديها كل مقومات البقاء، إلا من هؤلاء القابعين على الكراسي.. ولكن، لماذا اغتيل الحلم وضاع الأمل في أمة عربية تجتمع حتى على مصالحها، إن لم تكن لغتها واحدة وإيمانها واحدا واعتقادها واحدا وتاريخها واحدا؟

تبنى الوحدة على الحرية، وتخرج من قلب الشعوب، ولا يمكن لوحدة أن تعيش إن جاءت في أجواء الحاكم الإله.. الحاكم الفرد.. الحاكم الديكتاتور.. خوف الحاكم على سلطاته يفقد الوحدة قدرتها على النمو، وإيمان الحاكم بذاته وحده يدفعه دفعًا لأن يبقى وحده هو الوحدة وهو الأيقونة وهو الناطق بالحق، وهو كل شيء والشعب من حوله يطوف.. الحاكم وحده هو الكعبة، وهو القبلة، وله وحده تصلي الشعوب.

وئدت الوحدة المصرية- السورية كنموذج عربي حتى لا تصبح عدوى تنتقل إلى أقطار أخرى.. قتلت لأن الشعوب لدينا تساق إلى مستقبل لا يحدده إلا حاكمها، وكل وحدة تنبت في أجواء العتمة، وأسوار القيود لن يكون لها مصير غير الانقلاب عليها، وإهانة من إرادة، خاصة لو كان واحدا من الهواة.. الوحدة بين الدول تحتاج إلى إرادة، والإرادة الحقيقية التي تحمي هذا البناء هي إرادة الشعوب وليست إرادة فرد!!
الجريدة الرسمية