رئيس التحرير
عصام كامل

إهدار 185 مليون جنيه بدل انتفاع عن 32 ألف فدان بوادي النطرون.. المسئولون رفضوا التحفظ على 8 آلاف فدان من أراضي الدولة بها آثار ومناجم.. ومسئول كبير يقنن لنفسه قطعة أرض بأسعار زهيدة (مستندات)

فيتو

كشف بلاغ تلقاه المستشار نبيل صادق، النائب العام، النقاب عن تفاصيل فضيحة فساد كبرى، بمركز وادي النطرون التابع لمحافظة البحيرة، بتسهيل الاستيلاء على آلاف الأفدنة من أراضي الدولة، والتلاعب في تقنين الأراضي لواضعي اليد وتسعيرها بالمخالفة للقانون.


185 مليون جنيه بدل انتفاع
وأمر النائب العام بالتحقيق مع بعض المسئولين لاتهامهم بالامتناع عن تحصيل 185 مليون جنيه قيمة "بدل الانتفاع" مستحقة للحكومة مقابل استغلال آلاف الأفدنة من أراضي الدولة، وتعمد التقاعس عن التحفظ على آلاف الأفدنة، لحمايتها من التعدي، وذلك باستغلال وظائفهم، لتحقيق أغراض مشبوهة خاصة بهم، وتربحًا للبعض وأحال النائب العام، البلاغ إلى المستشار أحمد حامد المحامي العام لنيابة جنوب دمنهور الكلية لمباشرة التحقيق.

تواطؤ المسئولين
واتهم البلاغ رئيس المركز ونائبه ومدير الأملاك بالتقاعس عمدًا عن تحصيل 185 مليون جنيه قيمة بدل الانتفاع المقرر على 848 قطعة أرض بإجمالي 32 ألفًا و283 فدانًا كانت المحافظة وافقت على تقنينها ومستحق عنها "بدل انتفاع" بلغت قيمته نحو 165 مليون جنيه في نهاية 2015، لم يسدد منها سوى تسعة ملايين و731 ألف جنيه ويتبقى 154 مليون جنيه ارتفعت إلى 185 مليون جنيه مع نهاية عام 2017.

كما اتهم البلاغ رئيس المركز ونائبه ومدير الأملاك بالإمتناع عمدًا عن التحفظ على آلاف الأفدنة المملوكة للدولة والتي تقدر قيمتها بمئات الملايين من الجنيهات رغم أن محافظة البحيرة قررت "حفظ الطلبات المقدمة عنها" لثبوت عدم جدية أصحابها ومنها قطعة أرض مساحتها سبعة أفدنة تعدى عليها المشكو في حقه الثاني السيد حمزة، نائب رئيس المركز، وقام ببيعها رغم أنها من أملاك الدولة التابعة لـ"جهة عمله"، وهو صاحب مصلحة أكيدة في الامتناع عن تنفيذ المطالبات المتكررة للمحافظة بالتحفظ على تلك الأراضي.

وكشف البلاغ امتناع المشكو في حقهم عن التحفظ على 209 قطع أراضٍ مملوكة للدولة بمساحة إجمالية بلغت سبعة آلاف و961 فدانا، كان صندوق استصلاح الأراضي بالمحافظة رفض طلبات 209 مواطنين لتقنينها لعدم انطباق شروط التقنين المحددة بالقانون 148 لسنة 2006، وتتضمن هذه المساحات 667 فدانًا أثبتت "المعاينات"، أنها بلا زراعات أو مصادر للري، ولا يجوز تقنينها وتبلغ قيمتها 53 مليون جنيه باحتساب متوسط سعر الفدان بواقع 80 ألف جنيه فقط وتشمل أيضًا 198 فدانًا داخل مناطق أثرية قبطية وهذه لا تقدر بثمن، وسبعة أفدنة في حرم البحيرات وهذه أيضًا يصعب تقدير قيمتها، وخمسة أفدنة في محجر للطفلة أي من "المناجم" التي يجب الحفاظ عليها، وهي ذات قيمة مالية مرتفعة وهذا بخلاف قيمة باقي هذه المساحات، وبإجمالي سبعة آلاف و961 فدانًا.

تجاهل المخاطبات الرسمية
وأوضح البلاغ أنه رغم مطالبة الإدارة العامة لحماية أملاك الدولة بالمحافظة رئيس مدينة وادي النطرون مرارًا وتكرارًا منذ مايو 2016 بتشكيل لجنة فورية للتحفظ على هذه المساحات "7961 فدان" وعلى آلاف الأفدنة الأخرى المقرر حفظ "الطلبات" المقدمة عنها وتحصيل بدل الانتفاع "185 مليون جنيه"، فإن رئيس مركز ومدينة وادي النطرون ونائبه ومدير الأملاك تجاهلوا هذه المكاتبات الرسمية وامتنعوا عن تنفيذ هذه التكليفات من المحافظة دون مبرر.

وأضاف البلاغ أنه وردت لرئيس المركز (المشكو في حقه الأول)، خطابات رسمية عديدة ومتتالية منذ مارس 2016 من الإدارة العامة لحماية أملاك الدولة بـ"المحافظة"، موقعة من مديرها العام ومدير عام الشئون القانونية ومعتمدة من السكرتير العام المساعد للمحافظة.. وكلها تكرر الطلب وتلح على سرعة تشكيل "اللجنة الفورية" للتحفظ على الأراضي سالفة الذكر وتحصيل بدل الانتفاع (154 مليون جنيه حتى نهاية 2015)، حيث تبين أن هذه المكاتبات مرسلة لرئيس مركز وادي النطرون نفاذًا لموافقة المحافظ في 12 يناير 2016 على اتخاذ هذه الإجراءات، وهي الإجراءات التي انتهى إليها المستشار القانوني لصندوق استصلاح الأراضي بالمحافظة.

التستر على المخالفات
وجاء بأوراق البلاغ أن هذا التقاعس العمدي يضر بالمال العام من خلال أعمال التقنين بالوحدة المحلية لمركز ومدينة وادي النطرون بمعرفة نفس المسئولين للتستر على مخالفاتهم.. وشدد البلاغ على مسئولية المشكو في حقهم الثلاثة وهم رئيس المركز، ونائبه ومدير أملاك المركز بحكم اختصاصهم الوظيفي بأمر هذه الأراضي التي يتعين التحفظ عليها، فضلًا عن تغاضيهم عن السعي لاقتضاء بدل الانتفاع المقدر بـ 185 مليون جنيه، وأرفق بالبلاغ قائمة بالمستندات الرسمية ومنها مخاطبات المحافظة إلى رئيس وادي النطرون والمرفق بها كشوف بالقطع المطلوب التحفظ عليها.

فساد نائب رئيس المركز
في سياق متصل، كشفت مستندات البلاغ عن تواطؤ رئيس المركز ومدير الأملاك السابق وآخرين في تقنين قطعة أرض مملوكة للدولة بمساحة سبعة أفدنة ناحية دير البراموس، لنائبه السيد حمزة، والمحال بشأنها من المحافظ للنيابة العامة في القضية رقم 2002 لسنة 2017 وهي القطعة نفسها المملوكة للدولة والتي سبق لـ"حمزة" بيعها إلى المواطن الأمير بواقيم خليل بموجب توكيل خاص رقم ( 1706 أ ) لسنة 2014 بمكتب توثيق وادي النطرون، بالإضافة إلى قيام رئيس مركز وادي النطرون بإسناد رئاسة اللجنة الفنية المختصة بالنظر في طلبات تقنين الأراضي لواضعي اليد إلى نائبه السيد حمزة بالقرار رقم 135 لسنة 2017، مما أتاح له الموافقة لنفسه على تملك قطعة الأرض رغم أنه سبق لرئيس المركز مخاطبة الشئون القانونية في المحافظة بمناسبة التحقيق الإداري رقم 596 لسنة 2017 بأن نائبه لم تعد له علاقة بالإشراف على الإدارة الهندسية اعتبارًا من 18 أبريل 2017، وأن إشرافه قاصر على الحملة الميكانيكية وأعمال النظافة ومشروع البوتاجاز فقط بالمخالفة للحقيقة.

حاميها حراميها
وفي مفاجأة أخرى مذهلة تبين من المستندات قيام لجنة التسعير بمجلس مدينة وادي النطرون بتحديد سعر الفدان لـ" السيد حمزة" نائب رئيس مركز وادي النطرون بـ 70 ألف جنيه ثم قدم تظلم متضررًا من السعر ووافق لنفسه على تخفيض السعر إلى 60 ألف جنيه للفدان بعد أن ترأس بنفسه ولنفسه لجنة التظلمات يوم 22 نوفمبر 2017، ثم قام حمزة في نفس اليوم بتوجيه خطاب بتوقيعه تحت اسم وصفة رئيس المركز إلى اللواء مجدي عناني سكرتير عام المحافظة ورئيس لجنة البت لاعتماد التقنين للأسماء الموجودة بكشف حالات المتظلمين ومنهم "السيد مصطفى حمزة" نائب رئيس المركز.

ولم تتوقف المخالفات عند هذا الحد، فقد كشفت المستندات أن هناك شيوعًا للمجاملات في تسعير الأراضي وإهدار عشرات الملايين من الجنيهات على الخزينة العامة.. إذ تبين أن لجنة التسعير ذاتها التي حددت 70 ألف جنيه ثمنًا للفدان وخفضتها إلى 60 ألف بعد التظلم لصالح "السيد حمزة" نائب رئيس المركز.. وهي نفسها التي حددت أسعارًا تتراوح بين 90 و120 ألف جنيه ثمنًا للفدان لآخرين بنفس نطاق القطعة المبيعة لنائب رئيس المركز مثل القطع الخاصة بالمواطنين أرقام 19، و24، و27، و29، و47، بذات الكشف وبتقديرات نفس لجنة التسعير والتظلمات وهذه القطع الأخيرة تقع خلف محطة الكهرباء غرب المدينة، وغرب المنطقة الصناعية، القريبة جدا من القطعة المباعة لنائب رئيس المركز، كما حددت اللجنة أسعارًا أعلى من المحدد لنائب رئيس المركز.
الجريدة الرسمية