ضوابط إضراب الموظفين
المشرع في قانون العقوبات جَرَم إضراب العاملين بالدولة عن العمل، بموجب نص المادة (124) غير أن الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بموجب المادة (8) منها أجازت هذا الإضراب واعتبرته حقًا للعامل.
وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 537 لسنة 1981 بالموافقة على هذه الاتفاقية، وبعد نشره في الجريدة الرسمية، أصبح معه لهذه الاتفاقية وبموجب نص المادة (151) من دستور 1971 قوة القانون.
ولعدم صدور قانون بإلغاء نص المادة (124) سالفة الذكر صراحةً، إلا أنه يوجد تعارض واضح بين نص هذه المادة ونص المادة (8/1/د) من الاتفاقية المذكورة، إذ لا يجوز أن يكون الإضراب حقًا للعامل، وفي ذات الوقت يتم تأثيم ممارسته بموجب نص بقانون العقوبات.
ولذلك فإنه في ظل وجود هذا التعارض وفي ضوء نص المادة (2) من القانون المدني يعتبر نص المادة (124) من قانون العقوبات قد نسخ بموجب نص المادة (8/1/د) من الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، باعتبار أن هذه الاتفاقية لاحقة على هذا القانون.
ولا ينال من ذلك تعديل المادة (124) من قانون العقوبات، بعد صدور قرار رئيس الجمهورية بالموافقة على الاتفاقية المذكورة، وذلك بموجب القانون رقم 29 لسنة 1982 برفع الحد الأقصى لعقوبة الغرامة المنصوص عليها بالفقرة الثالثة من هذه المادة، ذلك أن هذا التعديل قد صدر بعد نسخ هذه المادة، أي أنه ورد على نص معدوم.
ومن حيث إن حق الإضراب قد نُص عليه في الاتفاقية سالفة البيان، على أن يمارس وفقًا لقوانين الدولة، فإنه في ضوء عدم تنظيم المشرع المصري لحق العامل في الإضراب، لا يجوز القول بحظر هذا الحق لحين صدور ذلك التشريع، وإنما يخضع في مباشرته لرقابة القضاء في ضوء الظروف والملابسات المحيطة بممارسته، مستهديًا في ذلك بالشريعة العامة لضوابط ممارسة الحق وهي المادة (5) من القانون المدني والتي حددت الحالات التي يكون فيها استخدام الحق غير مشروع، وذلك لحين صدور التشريع المُنظم له.
ولذلك فإنه لكي يكون ممارسة الموظف العام لحقه في الإضراب مشروعًا لابد من توافر عدة شروط له، هي:
أولًا: أن يكون جزئيًا لا كليًا، وألا يترتب عليه تعطيل عمل المرفق العام؛ ذلك أن الغرض الأساسي من المرفق العام هو إشباع حاجات المواطنين وليس تلبية رغبات العاملين بالمرفق، وعليه فلا يجوز تعطيل المرفق كاملًا للمطالبة بطلبات خاصة بالعاملين به، بما يؤثر على الغرض الأساسي لهذا المرفق.
ثانيًا: أن يكون سلميًا، لأن ممارسة الحق لا يجوز أن تكون بطريقة غير مشروعة.
ثالثًا: ألا يكون الغرض من الإضراب الإضرار بالغير.
رابعًا: أن يكون الغرض من الإضراب المطالبة بطلبات محددة ومشروعة وقابلة للتنفيذ، وأن تكون هذه الطلبات قد تم تبليغها للمسئولين مسبقًا. فإذا انتفى أحد هذه الشروط عُد الإضراب في هذه الحالة مخالفًا للقانون، وبالتالي يمثل مخالفة تأديبية مستوجبة إنزال العقوبة بمرتكبها.