رئيس التحرير
عصام كامل

الاصطناع الديمقراطي في مصر


هناك نظرية معروفة في النظم السياسية تعرف بنظرية "الاصطناع الديمقراطي" يعمل بها في الدول الناشئة في مجال الحريات والتي تحاول السلطة فيها أن تضع أسسًا وجذورًا لديمقراطية حقيقية راسخة الحكم فيها يكون للشعب ومن الشعب.. وهذه النظرية أخذت بها العديد من دول العالم المتقدم عند نشأة نظامها السياسي، وتقوم على أساس التنمية السياسية للحياة الحزبية في الدولة، حتى يتمكن المواطنون من المشاركة في الحياة السياسية باختيار الحزب الذي يرون فيه قناعتهم بأيديولوچيته السياسية والاقتصادية والاجتماعية..


حيث تقوم السلطة بإنشاء أو دعم حزبين بأيديولوچيات مختلفة وتحاول أن تصطنع العديد من الوسائل التي تزيد من المشاركة السياسية للمواطنين حتى يتم تقوية تلك الأحزاب، وتضخ أفضل الكفاءات عندها في الانتخابات ليتم تشكيل البرلمان من تلك الكفاءات، ويمارس الحكم الحزب الفائز بالأغلبية ويكون هناك معارضة قوية من جانب الحزب الخاسر.

ويختفي تدريجيًا دور سلطات الدولة بعد تقوية تلك الأحزاب وقبل خوضها الانتخابات واتباع هذه النظرية يخلق حياة سياسية راسخة تقوم على التعدد الحزبي واختيار أفضل الكفاءات في المجتمع.

وهذه النظرية تعتبر من أفكار الديمقراطية الليبرالية التي تقوم على المجتمع المركب المختلف في آرائه ومعتقداته.. ومن ثم يقبل وجود معارضة لها دور في الحياة السياسية فكلمة الديمقراطية أصلها يوناني وتتكون من Demo وتعني شعب والثاني Crates وتعني حكم أي أن الديمقراطية هي الحكومة التي ساهم فيها أغلبية الشعب، فأساس نشأة فكرة الديمقراطية هي استخدامها كفكرة عقلية في الصراع ضد الاستبداد، فالحرية والمساواة هي أساسها.

أما دول العالم الثالث فتأخذ بما يسمى الديمقراطية الماركسية التي تعطى الأولوية لمصلحة الجماعة -من وجهة نظر السلطة- على حساب حرية الفرد، فكل قرار صادر من السلطة يكون من صنع جميع أفراد المجتمع والإجماع هو الناتج الطبيعى للديمقراطية الماركسية، والتي تكون نتيجة الانتخابات لها قريبة من 100%، ويكون عدد المرشحين فعليًا مرشحًا واحدًا.

الأفضل للدولة المصرية أن يتم دعم الأحزاب السياسية ليكون لها دور حقيقي في الشارع لتتمكن من إقناع الكفاءات بالانضمام إليها، وتقوم على تدريبهم ورفع كفاءتهم، ثم تقدمهم للترشيح في انتخابات حرة نزيهة تفرز حكومة سياسية قادرة على النهوض بالدولة، وتكون معبرة عن أغلبية المصريين، وأيضًا سوف تفرز هذه الانتخابات معارضة قوية قادرة على تصحيح مسار الحكومة ورقابتها.

اختيار الكفاءات والمسئولين لن يكون سليمًا ومعبرًا عن إرادة الشعب بترشيح أجهزة ومؤسسات الدولة أو بالتدريب على برامج معدة مسبقًا من جانبها، وإنما يكون عن طريق أحزاب قوية قادرة على جذب أفضل الكفاءات في الدولة.. الاصطناع الديمقراطي بمفهومه الإيجابي فكرة تحتاجها الدولة المصرية وينأى بها عما وصلت إليه الحياة السياسية من ضعف وتردٍ على كل المستويات.
الجريدة الرسمية