رئيس التحرير
عصام كامل

نجيب محفوظ يكتب: زكريا أحمد «عبقرية التلحين»

نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

في مثل هذا اليوم 13 فبراير 1961 رحل الملحن الفنان زكريا أحمد الذي قدم 61 لحنا لسيدة الغناء العربى أم كلثوم، كانت بدايتها أغنية الورد جميل، وغنى لى شوي شوي.


وزكريا أحمد يعد من عمالقة الموسيقى الشرقية.

وفى مقال كتبه الأديب نجيب محفوظ في جريدة الأهرام 1961 بعد وفاة زكريا أحمد قال فيه:
ابن بلد لطيف وحبوب، ابن نكتة حكاياته لا تنتهي، حكاياته تخرج من حكاية إلى حكاية أخرى في تسلسل عجيب وترابط مذهل، فقد يبدأ في حكى حكايته الأولى في التاسعة مساء ثم يعود إلى نفس الحكاية في الثالثة صباحا بلا انقطاع.

كنت أسأل نفسي متى يعمل الشيخ زكريا أحمد ويتم ألحانه وهو يداوم على سهراته اليومية فاكتشفت أن لديه عبقرية التلحين في أي وقت.

وأذكر أنه لحن أغنية (حبيبى يسعد أوقاته) لأم كلثوم وهو يجلس معنا على المقهى، وفي مرات عديدة كان يضع لحنين مختلفين لأغنية واحدة ويعرضها علينا لنختار الأفضل، ولم يكن الشيخ زكريا يحب القراءة، وربما كانت روايتي "زقاق المدق" هي روايتي الوحيدة التي قرأها وأعجب بها للدرجة التي جعلته يعيد صياغتها ويحكيها أمامنا كأنه مؤلفها.

وكان من الأسباب التي تجعل أصدقاء الشيخ زكريا أحمد يتحملون سطوته وسيطرته على القعدة إلى جانب حبه لهم أنه يمثل الحكايات التي كان يحكيها بخفة دم ليس لها مثيل وهم لايملكون أنفسهم من الضحك.

تعود معرفتى بالشيخ زكريا أحمد إلى صديق مشترك من الأعيان في العباسية هو صلاح زيان الذي تعود على إقامة سهرة يومية في بيته يحضرها الشيخ.

وزكريا أحمد عندما يتحدث لايستخدم مصطلحات ثقافية أو فكرية، لكنك تشعر أنك أمام رجل شعبي وابن بلد ملئ بالموسيقى.

أما شخصيته فهى غاية في الطيبة والإحساس بالمودة الدافئة نحو الناس، وماكنت أظن أنه يمتلك كل هذا القدر من الكبرياء الذي جعله يختلف مع أم كلثوم، ذلك لأنها كانت تعطى له أجرا مماثلا للملحنين الذين يتعاملون معها، بينما هو لديه الإحساس أنه متفوق وأن ألحانه مميزة عن ألحانهم.

أحب زكريا أحمد الموسيقار سيد درويش إلى درجة العبادة، وكان لايمل الحديث عن أيام الصعلكة المشتركة بينهما في حواري القاهرة الشعبية المظلمة.
الجريدة الرسمية