حكومة السفهاء وحقيقة الترشيد
نعيش الآن أياما صعبة، والأيام القادمة ستكون أكثر صعوبة عندما تبدأ العشيرة فى تطبيق مشروع ترشيد الاستهلاك. والترشيد هنا يشمل تحديد عدد أرغفة العيش لكل فرد وكمية الوقود المسموح بشرائها بالإضافة إلى قطع الكهرباء كل يوم بصفة منتظمة، وغير ذلك كثير.
وقد نما إلى علمنا أن زعماء العشيرة لن ينالهم ما سينال عامة الناس ــ ونحن منهم. وسارع هؤلاء بتدبير مولدات كهربائية لأنفسهم كما أن مقار إقامتهم مرتبطة بأكثر من مصدر كهربائى عبر كابلات خاصة معدة لهم. والمطلوب من العامة، ونحن منهم، أن يشدوا الأحزمة ويقللوا من استهلاك ساندويتشات الفول وأطباق الكشرى والخبز وأن يستمتعوا بساعات الظلام المادى والمعنوى، وأن يدخلوا فى بيت السمع والطاعة، طوعا أو كرها. وهذا كله من توابع حالة الفوضى التى سادت عصر الجماعة كما أنه استجابة لشروط الجهات الدولية التى يستجديها حكام هذا الزمان.
وبينما يطالبوننا بمواجهة كل هذا يمضون هم فى استجداء ضيافات خارجية ورحلات غير مجدية تستنزف أموالا لم يبق منها ما يكفى الاحتياجات الضرورية لشعب لم يعد قادرا على التحمل. ولا يزال الإغداق مستمرا على جماعتهم والتوسع فى تعيين المحاسيب بأجهزة الحكم المحلى وفى المواقع الحكومية، وفى السفارات المصرية بالخارج، بما فيها سفارة مصر فى دولة الفاتيكان لإرضاء من يضطرون لإرضائه أو يريدون التخلص منه أو عزله، وكذلك إلحاق التابعين وتابعى التابعين بالبعثات الدبلوماسية.
إن عدد الدبلوماسيين المصريين فى الخارج قد بلغ الآن ألفا وثلاثمائة دبلوماسى، بالإضافة إلى أفراد عائلاتهم والعاملين على خدمتهم من العمالة المحلية. وقد ورد فى المؤتمر السنوى لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية حول مستقبل مصر والتحديات الاقتصادية والسياسية، والذى انعقد منذ أيام، أن عدد السفارات المصرية فى الخارج يزيد على عدد سفارات الولايات المتحدة بثمانين سفارة، وأن لدينا سفارة فى دولة يقيم بها مائتا مصرى أكثر من ربعهم يعمل فى السفارة وملحقاتها.
ورغم ذلك لا نزال نسمع عن وعود بإلحاق آخرين بالبعثات الدبلوماسية المصرية فى الخارج، ومنها مكاتب وملحقات عمالية وثقافية مخصصة لمكافأة البعض طبقا لنظرية التكريم وليس التكليف، وهى نظرية توسعت العشيرة فى تطبيقها على الأتباع والخاضعين للسمع والطاعة وعلى آلهم وأصحابهم ومن يسير على نهجهم. ومطلوب منا نحن وسائر الضحايا الالتزام بما يسمونه الترشيد، مما لا ينطبق على زعماء العشيرة. وليتهم يقرءون الآية الرابعة والأربعين من سورة البقرة " أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ. أَفَلَا تَعْقِلُونَ".
ونسأل الله لنا ولهم العافية..