رئيس التحرير
عصام كامل

تفاصيل أزمة البرلمان حول خصخصة السكة الحديد

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

نشب جدل واسع خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، برئاسة الدكتور على عبد العال، اليوم الأحد، حول تعديلات مشروع قانون الحكومة المقدم، لإنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر، فيما يتعلق بإتاحة الفرصة للقطاع الخاص للمشاركة في إدارة هذا القطاع، تحت إشراف الحكومة.


واعتبر البعض أن القانون باب جديد للخصخصة التي ثبت فشلها في مصر بشركات كبرى حكومية، فيما رآى آخرون أن هناك فرقا كبيرا بين الخصخصة والمشاركة، حيث المشاركة تكون تحت إشراف الحكومة بخلاف الخصخصة.

وينص مشروع القانون، على أنه يستبدل بنص المادتين "2،3" من القانون رقم 152 لسنة 1980 بإنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر، أن تختص الهيئة بإنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة شبكات السكك الحديدية على المستوى القومي، وتطوير هذه الشبكات وتدعيمها بما يتناسب مع دورها الرئيسى في حركة النقل، والعمل على مسايرتها لمتطلبات التوسع في الإنتاج والتعمير في إطار الخطة الاقتصادية والسياسية العامة للدولة وإنشاء وإدارة وصيانة المنشآت والأجهزة اللازمة لتحقيق أغراضها أو المرتبطة بهذه الأغراض وتطوير خدماتها في جميع أنحاء الجمهورية.

كما تضمن أنه يجوز للهيئة في سبيل تحقيق أغراضها وبعد موافقة وزير النقل، إنشاء شركات مساهمة بمفردها أو مع شركاء آخرين، ويجوز تداول أسهم هذه الشركات بمجرد تأسيسها وللعاملين في الهيئة شراء نسبة لا تتجاوز 10% من أسهم تلك الشركات.

وتضمنت المادتين أيضًا أنه يجوز للهيئة منح التزامات المرافق العامة للمستثمرين أشخاصًا طبيعيين أو اعتباريين لإنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة مرافق السكك الحديدية دون التقيد بأحكام القانون رقم 129 لسنة 1947 بالتزامات المرافق العامة، والقانون رقم 61 لسنة 1958 في شأن منح الامتيازات المتعلقة باستثمار موارد الثروة الطبيعية والمرافق العامة وتعديل شروط الامتياز وذلك طبقًا لعدد من القواعد.

وتشمل قواعد منح الامتيازات أن يتم اختبار الملتزم في إطار المنافسة والعلانية وألا تزيد مدة الالتزام على 15 سنة، وتحديث وسائل الإشراف والمتابعة الفنية والمالية التي تكفل حسن سير المرفق بانتظام، ويصدر بمنح الالتزام وتحديد شروطه وأحكامه أو تعديلها وحصة الحكومة وأسس تسعير مقابل الخدمة في حدود القواعد والإجراءات السابقة قرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير النقل.

كما تشمل القواعد أنه لا يجوز للملتزم أن ينزل عن الالتزام لغيره دون إذن من مجلس الوزراء، ويتعين على الملتزم المحافظة على المرافق محل الالتزام وجعلها صالحة للاستخدام طوال فترة الالتزام، على أن تؤول جميعها للدولة في نهاية مدة الالتزام دون مقابل وبحالة جيدة صالحة للاستعمال.

وقال هيثم الحريرى، عضو مجلس النواب، إن هذه التعديلات باب جديد للخصخصة الفاشلة في مصر، متابعًا: "الفشل يبدأ من الحكومة وعندنا سوء إدارة وفساد، وبالتالى وجود القطاع الخاص استمرار لهذا الفساد، والدليل ما حدث مع الشركات الكبرى للغزل والنسيج والتعليم وأيضًا مصانع الأسمنت والحديد".

وأكد الحريرى أن فكرة الخصخصة مرفوضة، والدليل على ذلك أيضًا شركات القمامة التي جاءت إلى مصر فشلت في ملف القمامة بشكل كامل، مضيفًا أن هذا القانون مدخل لفقدان مرفق السكة الحديد، وهناك تجارب فاشلة، في ظل الرقابة غير الحقيقة قائلا:" وزارة النقل فشلت في كل القروض التي حصلت عليها وبالتالى إزاى هتخصخص السكة الحديد".

وعقب على حديثه وزير شئون مجلس النواب، المستشار عمر مروان، مؤكدا أن هناك فرقا كبيرا بين الخصخصة وبين امتياز منح الإدارة، حيث الخصخصة نقل ملكية كاملة، ولكن منح امتياز الإدارة، يكون إدارة لمدة زمنية تحت عباءة الحكومة، وقال: "علينا ألا نخلط الأمور.. ملهاش علاقة بالخصخصة خالص".

واتفق معه على عبد العال، رئيس مجلس النواب، مؤكدا أن هذه التعديلات لا علاقة لها بالفساد وسوء الإدارة، وإنما الأمر كله متمثل في مشاركة القطاع الخاص في إدارة المرفق، وذلك توجه عالمى، حيث نظرًا لظروف اقتصادية معينة يتم اللجوء لها، للحاجة إلى استثمارات.

وأكد عبد العال أن فلسفة القانون واضحة بشكل عام، وأن المشاركة توجه عالمى في حاجة إليه مصر خلال التوقيت الحالى، مثل دول كبرى على رأسها فرنسا، مضيفًا أن القانون ليس له علاقة بالفساد وسوء الإدارة إطلاقًا، وقال: "إننا مع نظام قائم يحارب الفساد ويعمل على اختيار عناصر صالحة للإدارة والدليل ما يتم الآن من محاربة دقيقة للفساد".

وقال خالد عبد العظيم، مقرر اللجنة في الجلسة، إن الحديث والتعديلات واضحة في أن هناك فارقا كبيرا بين إدارة امتياز يمنح من الحكومة للقطاع الخاص، وبين الخصخصة، حيث الخصخصة يتم نقل الملكية كاملة، وإنما التعديلات المستهدفة تخص امتياز إدارة فقط تحت إشراف الحكومة وهذا أمر إيجابي للتطوير والنهوض بمرفق السكة الحديد.

وأضاف مقرر اللجنة أن القانون استهدف تحقيق المعادلة الصعبة التي تضمن إشراك القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية والمرافق العامة دون المساس بطبيعة هذه المشروعات كونها مرافق عامة وأيضًا التوسع والزيادة في الاستثمارات التي يمكن ضخها في مشروعات البنية الأساسية والخدمات العامة.

وأشار إلى أهمية تعزيز أوجه التعاون المتعددة بين القطاعين الحكومى والخاص لتوظيف إمكانياتها البشرية والمالية والإدارية والتنظيمية والتكنولوجية والمعرفية على أساس من المشاركة وحرية الاختيار والمسئولية المشتركة والمسألة من أجل تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية تفيد العدد الأكبر من أفراد المجتمع.

وأضاف أن الدولة تستهدف من هذا القانون إضافة اختصاصين جديدين للهيئة هما إدارة وصيانة شبكات السكك الحديدية مع إفساح المجال نحو إبرام عقود التزام لأعمال إنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة كل مرافق السكك الحديدية التي كانت حكرا على الهيئة القومية لسكك حديد مصر وذلك وصولا إلى تحسين الخدمة وتوسعة نطاقها وجذب مزيد من الاستثمارات.

وأكد عماد محروس، مقرر لجنة النقل والمواصلات في مجلس النواب بالجلسة العامة، أن مشروع القانون المقدم من الحكومة، بإنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر، ليس له علاقة من قريب أو من بعيد بالخصخصة.

وأوضح النائب في كلمته، أن التعديل في القانون بمشاركة القطاع الخاص في عمليات التطوير، من خلال علاقة عقود التزام تؤول ملكيتها للدولة، وليس بيعًا للملكية مطلقا.

ونفى النائب، نقل الملكية للسكك الحديد لأي مستثمر في القطاع الخاص، مشيرًا إلى أن الهدف منه هو تطوير قطاع السكك الحديدية وتحسين الخدمة إلى مستويات أفضل، فيما رفض النائب خالد عبد العزيز شعبان، عضو مجلس النواب، ما نص عليه مشروع تعديل قانون السكة الحديد من مشاركة القطاع الخاص في تطوير السكة الحديد.

ولفت إلى أن الأزمة في السكة الحديد تكمن في سوء الإدارة وانتشار الفساد بها، وقال إن الدولة تنفق الكثير من الأموال على الهيئة، ولكن هناك سوء إدارة، مطالبًا بتغيير الإدارة لإصلاح القطاع.

وأوضح أن هناك مساحات كبيرة من الأراضي التابعة للسكة الحديد تم التعدى عليها، بسبب الفساد، ومن جانبه عقب الدكتور على عبد العال رئيس المجلس، أنه قد يكون هناك فساد وسوء إدارة، ولكن فلسفة التشريع الحالى، هو ضخ استثمارات جديدة في القطاع، بهدف مشاركة القطاع الخاص.
الجريدة الرسمية