رئيس التحرير
عصام كامل

عبد الحليم محمود يكتب: الإنسان في رحلة البحث

فيتو

في عدد خاص من مجلة "الجديد" صدر عام 1972 تحت عنوان "الإنسان في رحلة البحث عن الله" كتب الدكتور عبد الحليم محمود، وزير الأوقاف وشئون الأزهر ـــ وقتئذ ــــ مقالا قال فيه:


"حين بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجهر بدعوته بعد نحو ثلاث سنوات من الأسرار بها فإن صلوات الله عليه وسلامه لم يبدأ بإثبات وجود الله وإنما بدأ بالبرهنة على صدقه هو، وتحدى أنها تبين عظمة الله بصدقه".

ومن قبل ذلك حين فاجأه الملك في الغار ونزل الوحي لم يبدأ الملك ولم يبدأ الوحي بإثبات وجود الله وإنما بدأ بالأمر بأن يقرأ الرسول الكريم (اقرأ باسم ربك الذي خلق ).

ومضى القرن وراء القرن ولم يتحدث الإنسان حديثا عابرا لإثبات وجود الله ذلك أن وجود الله إنما هو أمر بديهى لا ينبغى أن يتحدث فيه المؤمنون نفيا أو إثباتا، فوجود الله من القضايا المسلمة التي لا توضع في الأوساط الدينية موضع البحث لأنها فطرية، وبالتالى فإن كل شخص يحاول وضعها موضع البحث هو شخص في دينه انحراف مما خفى الله قط حتى يحتاج إلى أن يثبته للبشر.

والدين الإسلامي لم يأت لإثبات وجود الله إنما جاء لتوحيد الله.. وإذا تصفحت القرآن أو التوراة أو الإنجيل فإنك لا تجد مسألة وجود الله قد اتخذت في أي سفر منها مكان يجعلها هدفًا من الأهداف الدينية حتى عند ذوي العقائد المنحرفة.

والقرآن الكريم عن بداهة وجود الله يقول سبحانه: "ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله "، أما الآيات الكثيرة التي يظن بعض الناس أنها نزلت لإثبات الوجود.. فليست من ذلك في قليل ولا في كثير أنها تبين عظمة الله وجلاله وكبريائه وهيمنته الكاملة على العالم.

وتابع: "لقد جاء الإسلام تطهيرًا للعقيدة وتزكية تامة للإيمان، وأعلن بمجرد التسمية "الإسلام" الحرب على التدخل البشري في دين الله ورسالته، فما الإسلام إلا الاستسلام المطلق لله سبحانه وتعالى".

واختتم مقاله قائلا: "إنه الاسترسال مع الله على ما يرضيه، وهل للإنسان غير هذا بالنسبة لله، وهل للمؤمن أن يتصرف تصرفا آخر؟ أن الاسترسال مع الله على ما يحب.. هو الإسلام، وهو الدين، لا دين غيره، يقول الله تعالى: "إن الدين عند الله الإسلام".. صدق الله العظيم.
الجريدة الرسمية