رئيس التحرير
عصام كامل

سبق أوروبي في مشاريع الطاقة النظيفة.. لكن الصين صاحبة الريادة

فيتو

تمكنت أوروبا من قطع أشواط قياسية في مجال الطاقة المتجددة لكنها لم تواكب الصين بعد، وبمقارنة معدل الاستثمار مع النمو الصناعي، سجلت الصناعة الأوروبية انخفاضا مقارنة بالصين في حين تسرق هذه الأخيرة لقب رائد الطاقة المتجددة.

انتهجت أوروبا طريقا آخر من أجل تلبية حاجتها من الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة في سنة 2017. وحققت ولأول مرة مقدار إنتاج كبير من الطاقة الكهربائية اعتمادا على مصادر طبيعية مثل الشمس والرياح والفحم العضوي.

وفقا للأخبار التي نشرها مركز آغورا وإنيرجيويند للأبحاث هذا الأسبوع، فإن دول العالم تتجه بشكل ملفت للنظر إلى الاهتمام بمصادر الطاقة المتجددة.

وعلى الصعيد العالمي يتزايد الإقبال على طاقة الرياح والطاقة الشمسية بشكل متوازي كما فتح باب المنافسة بشكل تصاعدي مع الوقود الاحفوري.

وفقا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا)، من المتوقع أن تنخفض تكلفة الطاقة الضوئية بنسبة 50٪ في المتوسط في جميع أنحاء العالم على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

وقال عدنان أمين، مدير الوكالة "إيرينا" في تقرير عن تكاليف الطاقة المتجددة: "إن التحول إلى الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء يعد قرار حكيما لأنه نافع للبيئة".

وأضاف "إن حكومات دول العالم تعترف بهذه المبادرات والإمكانات، وبالمضي قدما بالبرامج الاقتصادية التي تقلل من إنتاج الكربون"

لكن على الرغم من تحقيق أوروبا لأعلى مستوياتها في إنتاج الطاقة المتجددة، فإن مراقبو الصناعة يتهمونها بالتخلي عن دورها كزعيم لهذا التحول العالمي في هذا المجال.

وقال ل DW وينديل تري، مدير هيئة العمل المناخي في أوروبا: "سابقا كان الاتحاد الأوروبي رائدا في مكافحة التغير المناخي وتعزيز تنمية الطاقة المتجددة".

مضيفا "لكن اليوم تخلَفت أوروبا عن مركز الصدارة، بعد أن استدركت باقي دول العالم التأخر عن مشاريع الطاقة المتجددة، بفضل الاستثمارات الواسعة النطاق بعد انعقاد اتفاقية باريس للطاقة المتجددة وحماية البيئة".

مستوى الاستثمار الأوروبي في الطاقة المتجددة في انخفاض

في هذا الشأن قال لdwعربية أنطون لازاروس من المكتب الأوروبي لحماية البيئة: "على الرغم من أن أوروبا لا تزال تجني ثمار سياستها السابقة، فإن مستقبل هذه الصناعة يعتمد على ما ستتخذه من إجراءات ومجهودات مستقبلا".

مضيفا: "أعتقد أنه من المهم أن نكون واضحين بالجزم أن كل الطاقة التي نستهلكها اليوم هي نتاج استثمارات سابقة لسنوات عديدة ". وأوضح أن أوروبا قد شهدت في السنوات الأخيرة نموا كبيرا في مجال الطاقة المتجددة، وكان ينبغي المحافظة على هذا المستوى من خلال سياسة رشيدة".

ولكن الاستثمار الأوروبي في مجال الطاقة المتجددة سجل انخفاضا محسوبا. فوفقا لشركة بلومبرج للطاقة الجديدة، فإن استثمارات الاتحاد الأوروبي في هذا المجال انخفضت بنسبة 50٪ بين سنتي 2011 و2017 لتصل إلى 57 مليار دولار (46 مليار يورو).

كما صرح الأمين العام للجمعية العالمية لإستخراج الطاقة من الرياح بأن أوروبا سجلت حاليا ولمدة عشر سنوات فارطة،المستوى الأضعف في نسبة استثمارات الطاقة البديلة، وأنه في ضل هذه الظروف الغير مشجعة والتي لا تستقطب الشركات المستثمرة، ستفر الحداثة والابتكار إلى مناطق أخرى بالعالم.

وهذا ما حدث فعليا مع الصين هي التي عرفت كيف تستغل طاقتها الشمسية والمتجددة بقوة، كما لم يحدث أي بلد آخر.

ووفقا لموقع بلومبرغ نيو إنيرجي فينانس الإخباري، قدرت استثمارات الصين بالعام الماضي في مجال الطاقة المتجددة ب133 مليار دولار، ووصفها بأنها الأكثر من أي وقت مضى.

بلوغ الذروة
فيما خصص أكثر من نصف هذا المبلغ في استثمار الطاقة الشمسية. ووفقا لما ذكرته إدارة الطاقة الحكومية الصينية، فان البلاد أنتجت ما مقداره 53 جيغاواط من الطاقة الكهروضوئية الجديدة في عام 2017 أي أكثر من نصف الطاقة المركبة في العالم.

وقالت لdwعربية كلوديا كيمفرت، خبيرة الطاقة في المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية: "لقد تولت الصين هذا الدور الريادي، لأنها تعترف بإمكانات السوق الضخمة والفوائد والامتيازات الاقتصادية".



وفى الوقت نفسه، أظهرت دراسة هذا الأسبوع أن ألمانيا - التي كانت سبَاقة في مجال الطاقة الكهروضوئية - ركبت فقط 2 جيجاوات من الطاقة الشمسية خلال نفس الفترة، وركب الاتحاد الأوروبي ككل 23 جيجاوات فقط.

وفي الفترة من 2004 إلى 2012، استقبل الاتحاد الأوروبي 60٪ من الطاقة الشمسية الجديدة، بطاقة إنتاجية تبلغ 23 جيغاوات في عام 2011.

وذكر تقرير الدراسة "من المخيب للآمال أن إنتاج الطاقة الشمسية ما زال متخلفا حتى الآن". وبصفة عامة، ارتفعت حصة توليد الكهرباء الأوروبية من مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 0.2 نقطة مئوية فقط بين عامي 2016 و2017، وفقا لذات التقرير.

وقال هانز جوزيف فيل، المشرع السابق لحزب الخضر الألماني ورئيس مجموعة اينرجي ووتش :"حتى عام 2011، لعب الاتحاد الأوروبي دورا قياديا واضحا". وأضاف "لقد حدث إهمال لمشاريع الطاقة من قبل السياسيين، الذين أولوا الاهتمام في برامجهم السياسية إلى حماية قطاعات الطاقة النووية والفحم والغاز على حساب الطاقات المتجددة".


ويناقش البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية والدول الأعضاء مجموعة تشريعية شاملة بعنوان "الطاقة النظيفة لجميع الأوروبيين"..



ويهدف اقتراح المفوضية الأوروبية إلى تحديد نسبة الطاقة المتجددة من إجمالي استهلاك الطاقة في الاتحاد الأوروبي بمقدار 27٪ بحلول عام 2030. ووفقا لمكتب يوروستات، لم تتجاوز النسبة ال 17٪ في عام 2016.



وفي وقت سابق من هذا الشهر، صوَت البرلمان الأوروبي لرفع هذه النسبة إلى 35٪،ومن المرجح أن تواجه هذه المبادرة معارضة من بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وقال لازاروس "أن العديد من الحكومات الأوروبية تعارض وضع خطة أهداف فعلية وطموحة ومحددة لتحقيق الأفضل".



وتشير دراسة لمركز الابحاث أغورا / ساندباغ إلى أنه مع معدلات النمو الحالية، فإن أوروبا تسير على الطريق الصحيح للوصول إلى الهدف بنسبة 27٪. لكن خبراء البيئة ولوبيات الطاقة المتجددة يقولون أنه ينبغي النظر إلى طموح أعلى بكثير من مبتغى البرلمان الأوروبي نفسه.


زيادة مقدار النسبة المرجوة يمكنه أن يقضي على مشكل الانبعاثات السامة؛ حتى مع كسر أوروبا والصين سجلات مصادر الطاقة المتجددة في العام الماضي، تقول أغورا إن انبعاثات غازات الدفيئة في الاتحاد الأوروبي ارتفعت بنحو 1 في المائة. وتراجعت الانبعاثات الصينية أيضا من 2.2 إلى 4.1 في المائة، وفقا لتقديرات شركة الاستشارات الروديوم المجموعة.



وقال غسانجر: "إذا كانت أوروبا" جادة في السعي إلى الريادة في مجال الطاقة المتجددة، يجب على الاتحاد الأوروبي أن تستهلك نسبة 50٪ من إجمالي استهلاك الطاقة كلها من مصادرالطاقة المتجددة بحلول عام 2030".


زيادة نسبة الاستثمارات والطموح إلى مضاعفة استهلاك الطاقة النظيفة بإمكانه أن يحل مشكل الانبعاثات السامة؛ حتى مع بلوغ أوروبا والصين الحد الأقصى في استهلاك مصادر الطاقة المتجددة في العام الماضي، تقول أغورا إن انبعاثات غازات الضارة في الاتحاد الأوروبي ارتفعت بنحو 1 في المائة. وتراجعت نضيرتها في الصين من 2.2 إلى 4.1 في المائة، وفقا لتقديرات المجموعة الاستشارية في شركة روديوم.


توفير مساحة كافية للطاقة النظيفة في الأسواق
ومن بين إيجابيات قطاع الطاقة المتجددة الصيني على أوروبا، تزايد الطلب على الطاقة المتجددة أصبح مستمرا. يقول جوليان شورب من رابطة الغرفة التجارية والصناعية الألمانية في بروكسل: "يمكننا الاستثمار في طاقة جديدة دون الحاجة إلى استخدام الطاقة الأحفورية أو الطاقة النووية".



وأشارت الإحصائيات إلى أن الصين، التي شهدت تباطئا اقتصاديا، سجلت في العام الماضي ارتفاعا في نسبة استهلاك الكهرباء التي بلغت 6.6 في المائة. في حين، ارتفع استهلاك الكهرباء في أوروبا بنسبة 0.7 في المائة من نفس السنة، ولكن مجموعة الطاقة النظيفة للاتحاد الأوروبي تهدف إلى خفض إجمالي استهلاك الطاقة بنسبة 30 في المائة بحلول عام 2030.



وهذا يعني أنه لكي تتطور الطاقات المتجددة في أوروبا، يجب أن تختفي تماما الطاقة الأحفورية من ساحة المنافسة. يقول فيل: "طالما أننا ما زلنا ندعم الوقود الأحفوري والطاقة النووية، لن يكون هناك مساحة كافية في السوق لطلب طاقات جديدة".


وعلى الصعيد العالمي، يساعد خفض تكلفة الطاقة النظيفة في القضاء على تواجد الوقود الأحفوري من السوق. ويؤكد رينر هينريش - راهلويس من الاتحاد الألماني للطاقة المتجددة بأنه يجب على السياسيين أيضا أن يتصرفوا بوقف تموين أو نفقات كل ما يتعلق كل ما يتعلق بالوقود الأحفوري.


وقال هينريش - راهلويس لــ  dw عربية: "التكاليف ستنخفض بسرعة وتصبح التكنولوجيا أكثر حداثة". وأضاف "إذا لم يكن هناك دعم للطاقة الأحفورية والنووية ستصبح الرياح والشمس أكثر مصادر الطاقة الاقتصادية في كل مكان تقريبا.


وأضاف "أن المنطق السليم يطالبنا بإنهاء الدعم للطاقة الاحفورية والنووية".

جيرو رويتر/روبي روسيل/ فريدة تشامقجي

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية