رئيس التحرير
عصام كامل

حافظ أبو سعدة: السيسي نجح في تثبيت أركان الدولة وننتظر منه تعزيز بنية الدولة المدنية

فيتو

  • الملف الحقوقي يحتاج الحكمة بعد مآخذ الأمم المتحدة علينا 
  •  المجال السياسي مغلق ويتم التضييق على الأحزاب وعلى الدولة فتح مجال للحوار
  • بدأنا مراقبة الانتخابات الرئاسية من الآن وطالبنا بتصريح لـ1600 حقوقي للمتابعة
  • العالم كله يدرك أن السيسي سيتم انتخابه لفترة رئاسة ثانية ومُنافسه غير مؤثر 
  • مستقبل حقوق الإنسان يدعو للتفاؤل
  •  الحقوق لن تتحقق إلا بوجود نقد للسياسات التي ندعو الدولة لإعادة النظر فيها
  • توقيع مصر على الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ليس تدخلا في شؤوننا الداخلية 

حوار: عصام هادي
تصوير: سمية عبد الرحمن

هو أحد الذين لعبوا دورا في الأنشطة الطلابية في الثمانينيات ضد حكومة مبارك واعتقل عدة مرات بسبب أنشطته المعارضة وبعد تخرجه عمل بالمحاماة وانخرط في المجتمع المدني، حيث تولى رئاسة المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعين بالمجلس القومي لحقوق الإنسان دورتين ثم عضوا بالفيدرالية الدولية ومبعوثها في الدول العربية، ومؤيد للثورة المصرية ضد نظام مبارك، وشارك في الاحتجاجات التي أطاحت بحسني مبارك في 11 فبراير 2011، كما عارض بشدة نظام الإخوان المسلمين، وشارك في مظاهرات 30 يونيو 2013 التي أدت في نهاية المطاف إلى خلع الرئيس مرسي في 3 يوليو 2013.

حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان كشف في حواره لـ«فيتو» أن العالم كله يدرك أن الرئيس السيسي سيفوز بالانتخابات الرئاسية لفترة ثانية، لأن المرشح المنافس ليس بالقوة التي تخلق منافسة شرسة. 

وأكد أن الرئيس المقبل عليه فتح المجال السياسي للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني لتؤدي دورها في المجتمع، خاصة أن الشعب المصري تحميل الكثير من الأعباء من أجل التصدي للإرهاب والحفاظ على الدولة المصرية وأسرار أخرى كشف عنها في الحوار التالي:

**في البداية كيف ترى المشهد الحقوقي في مصر مع اقتراب الانتخابات الرئاسية؟
*الملف الحقوقي يحتاج الكثير من التركيز من جانب الدولة للتعامل بحكمة مع هذا الملف، خاصة أن هناك مواقف تؤخذ علينا على مستوى تقارير الأمم المتحدة أولها عقوبة الإعدام والتقارير تقول إن هناك تصاعدا في تنفيذ هذه العقوبة وصل لنحو 22 حالة وهنا لا بد أن نراعي بيان المجلس القومي لحقوق الإنسان ومطالبته أن تكون هذه العقوبة للجرائم الأشد خطورة ويكون واضح جدا للعناصر الإرهابية التي ارتكبت أعمال قتل الضباط والجنود ولا يجب أن تنفذ على مجرد الانتماء إلى تنظيم أو جماعة، والنقطة الثانية هي وصفية منظمات حقوق الإنسان وأولها القضية 173 لا بد من إغلاقها لأننا توجه إلينا انتقادات من المنظمات الدولية في الأمم المتحدة مثل حظر التصرف في أموالها وحظر عملها وطالت أشخاصا ليس عليهم اتهامات محددة أو منظمات يتم إلزامها بتعديل مواقفها القانونية وهذه أحد الانتقادات التي توجه لحقوق الإنسان، إلى جانب ذلك القانون الخاص بالجمعيات الأهلية أو الحقوقية أو الخيريه يقيد حركتها ونشاطها وهذا ما يجعل القانون غير مطبق حتى الآن لعدم ظهور لائحته التنفيذية وهنا لا بد من إيقاف العمل بالقانون الجديد والعمل بالقانون 84 لسنة 2002 أو نفعل قانون التضامن الاجتماعي وهو قانون مقبول من معظم المنظمات الأهلية والحقوقية خاصة أن الوزيرة أدارت حلقات نقاشية مع 600 جمعية حقوقية وهو ما يلبي احتياجات الدولة بوضع الجمعيات ومصادر تمويلها تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي.

**وماذا عن الحريات المدنية والسياسية والاقتصادية في ظل الانتخابات الرئاسية الجديدة؟
*الحريات المدنية والسياسية هناك شعور أن المجال السياسي مغلق وهناك تضييق على الأحزاب والمجتمع المدني وهذا يحتاج إلى رؤية من الحكومة للحوار والاتفاق على فتح المجال السياسي ومنها حرية التعبير عن الرأي بحيث تكون هناك أصوات عديدة وليس الأمر قاصرا على صوت واحد والتأييد له في الإعلام لأن هذا يدفع بالشباب إلى القنوات غير الشرعية التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار في الدولة وبالتالي أتمنى الفترة المقبلة فتح حوار مع الشباب والمجتمع المدني، أما عن الحقوق السياسية والاجتماعية فالإجراءات الاقتصادية كانت شديدة القسوة على المصريين سواء في سعر العملة وانخفاض قيمة الجنيه الشرائية وما ترتب عليه من غلاء للأسعار وهذا يحتاج إلى إعادة النظر إلى الشعب لأنه غير قادر على مواجهة أعباء الحياة ولا بد من إجراءات اقتصادية لمعاونة الشعب المصري من خلال زيادة النفقات للفقراء وبالتالي نحتاج إلى برامج اقتصادية جديدة لوقف غول الأسعار.

**هل المنظمة المصرية لحقوق الإنسان لديها خطة لمراقبة الانتخابات الرئاسية المقبلة 2018؟
*بالطبع ونحن بدأنا بالمراقبة وعملنا تقرير أولى عن البنية التشريعية لتنظيم العملية الانتخابية ثم المواد الدستورية ثم قانون الانتخابات الرئاسية ثم قرارات اللجنة العليا للانتخابات ووضعنا رؤية نقدية تضمنت رأينا فيما يخص حق الترشح وضوابطه التي وضعها القانون بالحصول على تزكية 20 نائبا بالبرلمان أو 25 ألف توكيل من المواطنين واقترحنا أن هناك ضرورة أن يحصل المرشح على ثلث تزكيات النواب حتى يقدم لنا البرلمان 3 مرشحين والقانون هنا وضع قاعدة تزكية 20 نائبا لإعطاء الفرصة للأحزاب المرشحة في البرلمان بتقديم مرشحين للانتخابات الرئاسية وحصول الرئيس السيسي على 530 توكيلا لا يعطي الفرصة للآخرين وبالتالي كنا نريد 3 مرشحين على الأقل من خلال ثلث التزكيات وهذا يجعلنا لا نواجه مأزق المرشح الوحيد ونعود للاستفتاء وهو أمر مرفوض من 2007، أضف إلى ذلك أننا أوضحنا من خلال التقرير أن المدة الزمنية غير كافية والدستور قال بعد انتهاء فترة الرئيس بـ120 يوما على الأقل لإعطاء المرشحين فرصة جمع التوكيلات وهذا ما طالب به النائب محمد أنور السادات بإعطاء الفرصة للمرشحين للالتقاء بالنواب لإقناعهم بالتصويت لهم، أما عن المراقبة يوم الانتخابات فقد استوفينا شروط اللجنة العليا لمراقبة وقدمنا طلب اللجنة للقيد وأحضرنا موافقة وزارة التضامن الاجتماعي وقدمنا تقرير الخبرة أننا منظمة حقوقية موضوعية وطالبنا الحصول على 1600 تصريح لأن معنا تحالف المنظمات المصرية لمراقبة الانتخابات وسيتم متابعتنا من خلال كود الأسماء ووفقا لنظام العينة أكثر من المتابعة لصعوبة تغطية نحو 50 ألف لجنة فرعية على مستوى الجمهورية ونتحرك أيضا في إطار الشكاوى التي ترد إلينا.

**هل نزول مرشح أمام السيسي له تأثير إيجابي على المشاركة وعلى صورة مصر أمام العالم؟
*أتصور أن العالم كله يدرك أن الرئيس السيسي سيتم انتخابه لفترة رئاسة ثانية وبشكل سهل لأن المنافس لا يشكل أي تهديد له من حيث الكتلة التصويتية، وهنا لا بد أن نكون صرحاء لأن المرشح الرئاسي موسى مصطفى موسى ليس منافسا قويا فضلا عن أنه لم يقدم نفسه كمرشح رئاسي مبكرا بل إنه أعلن دعمه للسيسي وبالتالي ترشحه كان لاستكمال الشكل الديمقراطي وكان من الأفضل وجود منافس قوي، وبالتالي من المتوقع أن يكون الإقبال على المشاركة ضعيفا لأن التنافسية غائبة والرأي العام الداخلي والدولي على قناعة أن السيسي سيحسم الأمر وليس هناك فرق إن كان سينزل منفردا ويحصل على 5% من جملة أصوات الناخبين أو في منافسة شكلية لكن الأهم هنا أن الانتخابات كانت تحتاج إلى تجهيز أكبر ويكون مرشحين لديهم برامج ورؤى مختلفة.

**وما المطلوب من الرئيس المقبل حيال المجتمع المدني والمواطن معا؟
*فعلا هناك العديد من الأشياء المطلوبة من الرئيس المقبل خاصة أن الأربع سنوات الماضية بعد 2013 كانت مرحلة تثبيت الدولة وتحقيق الأمن وضبط العمل في دولاب الدولة وبالتالي السنوات الأربع القادمة تحتاج إلى تعزيز بنية الدولة المدنية والديمقراطية، بحيث تكون عودة الحياة السياسية وعودة الفعالية للأحزاب ليكون لها دور وطني أكبر على الساحة السياسية لأنه وفقا للدستور فإن الرئيس السيسي لن يترشح مرة أخرى وسيكون هناك تنافس بين مرشحين آخرين وهنا سيكون دور الأحزاب وبالتالي مطلوب فتح المجال السياسي أمامها لتؤدي دورها من خلال جعل دور لها في انتخابات المحليات القادمة وفتح المجال لها في عقد المؤتمرات إلى جانب المجتمع المدني لا بد أن يتم تحريره بالكامل من القيود الموجودة بالقانون الجديد.

**السفير محمد فايق رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان قال إن الرئيس مهتم بالحريات وحقوق الإنسان عند تقديمه التقرير السنوي للمجلس فما تعليقك؟
*يجب أن نكون منصفين فالرئيس السيسي كان لديه تحدي أساسي في فترة رئاسته الأولى هو مواجهة الفوضى وهو هدف مشروع وإن كان على حساب حقوق الإنسان بعض الشيء لمواجهة التنظيمات الإرهابية وأعمال التفجيرات التي تحدث بهدف كسر مؤسسات الدولة والنقطة الثانية أن الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية لن تتحقق إلا بوجود نقد للسياسات التي ندعو الدولة لإعادة النظر فيها، ولم تثار قضية واحدة للفساد في أي قطاع من قطاعات الدولة وهنا ضرورة مراجعة قانون التظاهر لأن التظاهر السلمي مطلوب لأنه تعبير عن احتياجات المجتمع حتى لا نفاجأ بانفجار الأوضاع مرة واحدة، فضلا عن ضرورة إعطاء مجال للأحزاب السياسية وكنا نتمنى أن نجد حوارا بين الرئيس والأحزاب ويناقشهم في كل الأمور السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى ضرورة إعطاء الرئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان الفرصة ليلعب دورا فعالا في التعامل مع الشكاوى التي ترد إليه من خلال لجنة تنسيقية بين المجلس والوزارات لأن جهاز الدولة يقوم بانتهاكات لحقوق الإنسان وبالتالي نريد آلية للإنصاف لهذه الشكاوى.

**هناك العديد من الاعتراضات لكم على قانون الإجراءات الجنائية والعقوبات السالبة للحريات فما السبب؟
*هذا صحيح لأن قانون الإجراءات الجنائية يتضمن بعض الإجراءات مثل منع المحامين من الاستماع لشهود النفي وإعطاء الحق للقاضي وهذا يهدر حقوق المتهم والدفاع وهنا لا بد أن نعطي للمحامي حصانة في المرافعة حتى يؤدي دوره ولا يتم حبسه، أما عن فكرة العقوبات السالبة للحريات في التعبير عن الرأي فقط لوحظ أن هناك بلاغات تقدم ضد إعلاميين وسياسيين من أشخاص عاديين وهنا لا بد أن تقيد النيابة العامة هذا الأمر خاصة إن كان الأمر يتعلق بالأمن العام وسلامة الدولة فيكون الأمر قاصرا على النيابة العامة.

**المجلس القومي لحقوق الإنسان كان دائما يطالب بزيارة السجون بالإخطار والحكومة تتمسك بضرورة الحصول على التصريح فما قولك؟
*الأوضاع داخل السجون لا يمكن الوقوف على حقيقتها إلا إذا كانت هناك زيارات للمجلس القومي لحقوق الإنسان غير مرتبة وغير محددة الموعد وبالتالي لا بد من منح المجلس القومي لحقوق الإنسان سلطات أكبر لمراقبة السجون وأماكن الاحتجاز وهنا لا بد من تسهيل الأمر حتى نتلافى العديد من الانتقادات التي توجه إلينا في مجال حقوق الإنسان مثل عملية الاختفاء القسري والرئيس أعطى تعليماته بالتعاون وتم كشف الحقائق في 350 حالة. 
**مشروع تجريم الإلحاد حذرت من أنه سيسبب العديد من المشكلات التي نحن في غنى عنها كيف ذلك؟
*هذا الكلام صحيح لأن تجريم الإلحاد ليس مفهوما، أركان الجريمة فيه هل نحاسب على الأفكار أو بسبب كتابات على فيس بوك ونحن لدينا نص دستوري يقول حرية الاعتقاد مطلقة والمادة 65 تكفل حرية التعبير عن الرأي وبالتالي لا يوجد شيء اسمه جريمة الإلحاد وعلينا أن نتبنى فكرة أن أي قول يشكل إلحادا يكون الرد عليه فكريا وليس بالتجريم وإرسال أصحابهم للسجون، وخطورة هذا الأمر تعود على الدولة ومؤسساتها الفكرية والدينية والثقافية من خلال خشية السياح الذين يعتنقون أفكارا ويعبدون عبادات أخرى من القدوم إلى مصر والأفضل أن تقوم المؤسسات السابقة بتصحيح أي فكر خاطئ.

**هل لديك علم بموعد تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان الجديد؟
*القانون الجديد يقول إن المجلس مستمر في أداء عمله حتى يتم تشكيل المجلس الجديد رغم انتهاء فترة عملنا وسوف يصدر قرار من البرلمان بالتشكيل الجديد بعد أن طلبوا تقديم أسماء للترشيح.

**أخيرا كيف ترى مستقبل حقوق الإنسان في مصر؟
*أعتقد أن مستقبل حقوق الإنسان يدعو للتفاؤل، لأن الدستور المصري يتبنى قيم حقوق الإنسان بشكل لا يمكن مقارنته بدساتير سابقه، وبالتالي نسعى لتنفيذ ذلك من خلال البرلمان ونحن مستمرون مع مجلس النواب لتحسين هذا السجل حاليا ومع قدوم المجلس القومي لحقوق الإنسان الجديد. 
الجريدة الرسمية