رئيس التحرير
عصام كامل

أحكام القضاء والامتناع عن تنفيذها


مبدأ استقلال القضاء واحترام أحكامه وتنفيذها ركنًا جوهريًا في أي نظام ديمقراطي وعدم تنفيذ الأحكام القضائية يَصِمُ نظام الحكم بالاستبداد، ومن ثم يتعين على أي نظام حاكم ألا يتغافل عن تنفيذ الأحكام القضائية وأن يستوعب دروس الشعوب، وأي تنظيم قضائى يفقد سبب وجوده إذا لم يكن فعالًا وتنفذ أحكامه، فإذا كان القضاء يضع حدًا للمنازعة عندما يصدر حكمًا يحوز حجية الأمر المحكوم فيه فإنه يتعين تنفيذ هذا الحكم وإلا لما قامت في البلاد حاجة إلى خدمات القضاء والعدل.


ليس أشد خطرًا على البلاد من إهدار أحكام القضاء والامتناع عن تنفيذها؛ لأن ذلك يمثل امتهانًا للسلطة القضائية ولا سبيل لسيادة القانون إلا أن يطبقها القضاء، وآية ذلك أن المادة 74 من الدستور تنص على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة وأن استقلال القضاء وحصانة القضاة ضمانتان أساسيتان لحماية الحقوق والحريات.

وعدم تنفيذ أحكام القضاء من بعض جهات الإدارة إنما يمثل انتهاكًا صارخًا للشرعية الدستورية.. إذ تضرب الدولة أسوأ المثل للمتقاضين بالتهرب من تنفيذ الأحكام، مما يشيع معه بين صفوف الناس منهج اللاشرعية مادامت السلطة العليا في البلاد لا تقيم وزنًا لها، فتسرى العدوى في المؤسسات والمصالح وتصبح الاستهانة بالشرعية نموذجًا سيئًا للتعامل فى بلدنا مصر، وينتشر الإحساس بأنه لا قيمة للدستور أو القانون أو القضاء وتتحول مع ذلك سلطات الدولة والثوابت الدستورية ونصوص القانون إلى رماد.

الكل لدى القانون سواء دونما الاحتماء بأي حصانة تعصم من المساءلة إزاء الامتناع عن تنفيذ الأحكام بحسبانه خرقًا دستوريًا جسيمًا، وخطيئة كبرى يجب ألا يحتمي مرتكبها بثمة حصانة تكئة للتحلل من حجية الأحكام، لأن استعمال السلطة يجب أن يكون متدثرًا بعباءة الحماية القانونية للحقوق، وحينئذ تكون الثورة قد أتت ثمارها، فمن ظن أنه في مأمن من المسئولية والعقاب، فقد غاب عنه أنه لا توجد سلطة مطلقة من أحكام القانون إذا مالت وجنحت إلى غير الحق.
الجريدة الرسمية