خطة المنظمات الحقوقية للهروب من عقوبة قانون الجمعيات
«الفارون من قانون الجمعيات الأهلية ».. هكذا يمكن أن نطلق على عدد من المنظمات الحقوقية التي لا تعترف بقوانين تأسيس الجمعيات الأهلية.
هذه المنظمات التي تمارس نشاطا حقوقيا يتعلق بالحريات العامة وحالة حقوق الإنسان في مصر، عادةً لا يوجد وفاق بينها وبين الحكومات المتعاقبة، ربما لأنها تكشف عوارات هذه الحكومات بتقارير يطلع عليها العالم كله، وربما لأن الحكومات تقف لها بالمرصاد لمعرفة مصادر تمويل أنشطتهم وبرامجهم.
العمل خارج مظلة القانون
ظلت هذه المنظمات تمارس نشاطها بشكل طبيعي، خارج مظلة قانون ٨٤ لسنة ٢٠٠٢، وعلتها في ذلك أنه قانون يقيد حرية عمل هذه المنظمات ويسمح بتدخل الحكومة في أنشطتها، بقي الأمر كما هو عليه، فالمنظمات تشهر مقراتها على أنها مكاتب محاماة وليست مقرات لمنظمات حقوقية، لا تخضع لوزارة التضامن الاجتماعي ولا تسأل عن مصادر التمويل، إلى أن صدر قانون الجمعيات الأهلية ٧٠ لسنة ٢٠١٧ المعروف إعلاميا بـ«قانون القصبي» نسبة إلى الدكتور عبد الهادي القصبي، رئيس لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب.
انتقادات تشريع القصبي
«قانون القصبي» وضع في الاعتبار هذه المكاتب، وأعطى مديري هذه المنظمات مهلة لمدة عام من تنفيذ العمل بالقانون لتقنين أوضاعهم وإلا سيتعرضون للمسائلة القانونية أمام القضاء، لم تقف هذه المنظمات مكتوفة الأيدي أمام هذا القانون، ولا سيما أنها أصرت ألا تخضع له باعتباره أكثر تقييدا للمجتمع المدني مما سبقه من تشريعات، يهدر استقلاليته ويغل يده ويزيد من تدخل السلطة التنفيذية في إدارة المنظمات، حسب منتقدي القانون.
تغيير النشاط ظاهريا
تعنت المنظمات ورفضها للخضوع للقانون، قابلة بدائل أخرى للتحايل عليه دون مسائلة قانونية، كان من بينها أن بعض هذه المنظمات غيرت نشاطها ظاهريا، وعلقت لافتة أمام مقر المنظمة، تعلن من خلالها أنه أصبح -مثلا- مركزا لتدريب الإعلامي والإذاعي، في حين أنها لا تزال تمارس نشاطا حقوقيا مستترا، وتتعاون مع منظمات خارجية تمارس ذات النشاط.
الناشط الفرد
جاءت وسائل التحايل على القانون مختلفة ومتنوعة، من بينها أن بعض مديري هذه المنظمات قرروا اتباع سياسة «الناشط الفرد» يمارس أعضاء المنظمة، دورهم الحقوقي بشكل فردي عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتصدر المنظمة من خلال أنشطتهم الفردية بيانات مجمعة بشكل طبيعي واعتيادي كما لو كانت لا تزال تعمل تحت مظلة المنظمة، قبل تجميد نشاطها بشكل ظاهري مخافة الملاحقة والحبس، ولا سيما أن أغلبهم متورط في قضية ١٧٣ لسنة ٢٠١١ المعروفة إعلاميا بقضية «التمويل الأجنبي».
إقرار مشروع الحكومة
في مسارٍ ثالث أكثر عقلانية، هناك لوبي حقوقي مصري بعضهم خارج مصر، يتواصلون مع المحامي الحقوقي حافظ أبو سعدة، رئيس مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، خلال مساعيه القانونية والرسمية لإسقاط «قانون القصبي»، استنادا إلى العوار الدستوري في عدد من المواد داخل القانون، وكذلك مساعيه لإقناع الحكومة بتقديم مشروعها لمناقشته في البرلمان وإقراره بدلا من القانون الحالي، وخاصة أن الحكومة رافضة لهذا التشريع أيضا.
تقنين أوضاع المنظمات
يقود هذا اللوبي بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الذي وعد أنه حال إقرار قانون الحكومة ستخضع كافة المنظمات الرافضة لتقنين أوضاعها وفقا لمواده، وبخاصة أن مشروع قانون الحكومة وفر نوعا من التوافق بين السلطة التنفيذية وهذه المنظمات.