بعد ثورة يناير.. 8 وزراء تموين في 8 سنوات.. الإطاحة بـ«أبو زيد» أثناء العمرة.. «جودة» يرفض التعاون مع الإخوان.. 30 يونيو تطيح بـ«عودة».. أزمة القمح وراء رحيل «حنفي
«التموين» ليست وزارة الغلابة كما هو دارج، والمناصب بها أصبحت منكوبة ومن أكثر الوزارات تأثرا بزلزال التغيرات سواء من قبل التعديلات الوزارية أو أزمات فشل في حلها الوزراء، وعجلت برحيلهم لأسباب شتى، بعضها له بعد سياسي والآخر نتيجة قوى معارضة لسياسات الوزير، لعدم اتفاقها مع مصالحها ليأتي 8 وزراء للتموين منذ ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بالوزير الحالي الدكتور علي المصيلحي ليتم إعادته لمنصبه من جديد في سابقة هي الأولى في تاريخ وزارة التموين.
وكان المصيلحي أول من أطاحت به ثورة 25 يناير 2011، على أثر تقديم حكومة الدكتور أحمد نظيف استقالتها، والتي استمر بها منذ أن تولى منصبه في عام 2005، ويحل محله الوزير الثاني صاحب الفكر الاشتراكي القادم من ميدان التحرير الدكتور جودة عبد الخالق، الذي فتح باب إضافة المواليد على مصراعيه، ليكون العيش أحد مكاسب المواطنين من مطالب الثورة، ولم يستمر بمنصبه طويلا بعد أن سعت جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية إلى جعل الوزارة مغارة لهم، ومحاولتهم تسييس الدعم، رافضا مطالبة الرئيس المعزول محمد مرسي له للعمل مع حكومة الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء الإخواني، حيث رفض الاستمرار في منصبه وقدم استقالته.
أبو زيد محمد أبو زيد
ولم يجد الإخوان بديلا لعبد الخالق سوى الاستعانة بالمهندس أبو زيد محمد أبو زيد لشغل المنصب، وهو القادم من المطاحن ليجعله الإخوان "بروفة" لحين العثور على وزير إخواني ينتمي لهم، ويعد أبو زيد أقصر وزراء التموين عمرا في الاحتفاظ بمنصبه ليذهب لأداء العمرة بالأراضي الحجازية، ويتم إقالته بعد أن وجد الإخوان ضالتهم المفقودة في الدكتور باسم عودة وزيرا للتموين، ليسعى من خلال تكليفات مكتب الإرشاد لتنفيذ تعليماتهم في الوزارة، وتمكين الإخوان من مفاصل الوزارة وتوفير كل الدعم والحصص التموينية من الدقيق وافتتاح المخابز ومستودعات البوتاجاز للإخوان بل تسيس الدعم من خلال توصيل الخبز إلى المنازل والإشراف على المستودعات ومحطات تموين السيارات في ظاهرة غير مسبوقة تعد مخالفة للدستور بتسييس الدعم، لكن الإخوان كل شيء عندهم مباح، وحيثما تكون مصلحتهم يكون شرع الله.
تضليل وزارة تموين الإخوان
ولم يستمر باسم عودة طويلا في منصبه بعد أن زادت الأزمات الإستراتيجية من نقص الخبز المدعم الذي لا يؤمن حاجة البلاد وسط تضليل من الإخوان بأن القمح وصل إلى 3 ملايين و700 ألف طن في الصوامع والشون في وقت لم تكن الأرصدة تفي البلاد أكثر من شهرين، لتأتي رياح ثورة 30 يونيو بالإطاحة بوزير التموين الإخواني.
أبو شادي الوزير الخامس
ويأتي الوزير الخامس للتموين بعد 8 سنوات من ثورة يناير 2011 الدكتور محمد أبو شادي الذي ورث تركة ثقيلة بعد رحيل الإخوان، ليكتشف أن هناك نقصا في سلع القمح كادت تؤدي بالبلاد إلى الهاوية، لكون الاحتياطي من القمح لا يجب أن يقل عن 6 أشهر، ويتابع البورصات العالمية للتعاقد على كميات كبيرة تغطي استهلاك البلاد، مع التوسع في المخابز المليونية والصوامع والمطاحن من القطاعين العام والخاص لتصل السعة التخزينية إلى 6 ملايين و500 ألف طن من القمح وفقا لإنشاء 50 صومعة بمساهمة إماراتية مع صوامع القطاع الخاص غير أن البقاء بالمنصب لم يدم طويلا ليكشف أن كرسى وزير التموين مكتوب عليه: "متهم دائما"، دخل في عش الدبابير لفرض التسعيرة الاسترشادية للسلع التي اعترض عليها الاتحاد العام للغرف التجارية، بزعم أنها تتعارض مع قواعد السوق الحر وآليات العرض والطلب.
وأوضح أبو شادي لـ"فيتو" أن هناك 4 شخصيات تآمرت عليه لخروجه من منصبه من داخل الوزارة الذين تربطهم علاقات بأصحاب النفوذ بجانب ما نسب إلى مدير مكتبه من مخالفات لإنهاء بعض الخدمات التموينية، ليترك منصبه بعد أن أضاف إليه كثيرا لكونه كان يعمل لصالح الشعب وليس للقطاع الخاص.
خالد حنفي
وتقلد الدكتور خالد حنفي، وزير التموين السادس، منصبه بالوزارة لتشهد التموين في عهده صرف مقررات البطاقات التموينية والخبز من خلال البطاقات الذكية التي ما زالت ملفا عثرا حتى الآن للخروج من أخطائه وسلبياته، وتتمدد سمعته في كل وسائل الإعلام لدرجة أنه وصفه بأنه رئيس وزراء مصر المقبل، لكن السياسة لعبة لا تعرف الاختلاف، ليتم إسقاطه في ملف القمح الوهمي الذي كان حديث جميع وسائل الإعلام، وما ترتب عليه من إهدار مليارات الجنيهات نتيجة التوريد الوهمي للمحصول، والحصول على مليارات الجنيهات من الدعم، ولتكون إقامته في فندق سميراميس طلقة الرحمة التي تم تصويبها له ليجبر على تقديم استقالته بمجلس الوزراء، وليصبح حاليا رئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية التابعة لجامعة الدول العربية في لبنان.
ويكشف أحد رؤساء شركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية أن اللواء محمد علي الشيخ وزير التموين السابع بعد الثورة كان من أكفأ الوزراء لكنه اصطدم بأزمات تموينية لاعلاقة له بها، سواء باستيراد القمح المصاب بفطر الإرجوت، وما أثير حوله من ضجة أو أن القطاع الخاص لم يكن معاونا له، لتظهر أزمات كبيرة أشعلت نار الغلاء في الشارع المصري، خاصة السكر والأرز، سواء باختفائها من المنافذ التموينية أو زيادة أسعارها في القطاع الخاص، لتعجل هذه المشكلات بخروجه من الوزارة، ليحل محله الدكتور علي المصيلحي الوزير الثامن الذي رجع للوزارة مرة أخرى ليصحح ما فشل فيه سابقوه مع إعلانه عن ضبط منظومة الدعم لوصوله إلى مستحقيه، وإصدار البطاقات التموينية خلال 15 يوما وحماية المستهلك من خلال تدوين الأسعار على المنتجات، مع أن التموين مشاكلها لا تنتهي لكونها وزارة خدمية لا تنقطع مصالح المواطنين بها.
أزمات وزراء التموين
وقال مجدي عبد الفضيل، نائب رئيس شعبة البقالة بالغرفة التجارية ببورسعيد، أن أزمات وزارة التموين تجعل صاحب المنصب دائما عرضة للتغير في ظل قوى مضادة من كبار رجال الأعمال أو من في دائرة صنع القرار حول الوزير، تكون سببا في نجاحه أو فشله في ظل ارتباطه بمصالحهم من عدمه، لافتا إلى أن الدكتور خالد حنفى من أكفأ الوزراء لكن من أعطاهم مسئولية لم يكونوا أمناء عليها، وفرطوا فيها، بل منهم أول من شهد ضده في ملف البطاقات الذكية أمام النيابة بتنفيذ تعليمات الوزير للعمل بالبطاقات الورقية التي ترتب عليها إهدار مليارات الجنيهات من الدعم، كما أنه كان يعمل على جميع الملفات يخرج منها بسهولة، في ظل وزراء ما زالوا متعثرين في إدارة بعض الملفات المتعلقة بالدعم.