أنا سأقول لك يا طونى!
لأول مرة ينحاز طونى خليفة ويبدو منفعلًا ويريد أن يتكلم فقط ولا يسمع ولا حتي ينتظر إجابة على أسئلته ولا يتأمل طويلًا فى وجوه ضيوفه كما يفعل كل مرة!
حدث ذلك بالأمس في الجزء الأول من حواره مع السيدة تهاني الجبالي محاولًا الربط التقليدي الساذج أحيانًا بين ما جري في أواخر الستينيات ضد عدد من القضاة وما يجري الآن ضد السلطة القضائية ذاتها..السذاجة هنا ليست من عند طوني.. وإنما هى سذاجة عامة في مصر بين أكذوبة مثل أكاذيب كثيرة .. رددها البعض وطورها البعض الآخر ثم صدقها الكثيرون..
وكان ممن رددوا أكذوبة مذبحة القضاة هم الإخوان أنفسهم وشاء القدر أن يرتد إليهم صنيعهم ويبقى لهم فى حكمهم كما يقول المصريون!
وما لا يريد أن يعيد البعض فروقًا جوهرية جدًا..واضحة جدًا..لا تحتاج إلا قليلًا من الوعي.. قليلًا من التدبر.. لاكتشاف الفارق الكبير بين ما جري لبعض القضاة أواخر الستينيات وبين ما يجري للقضاء نفسه الآن..
لم تكن الأولي بحال من أجل مصالح حزب في الحكم ولا جماعة تريد أن تحكم وتتحكم ولم تكن انتقامًا شخصيًا أو تأديبًا جماعيًا أو سعيًا لإدخال سلطة لها كل التقدير والاحترام إلي حظيرة الحاكم..إطلاقا إطلاقا..إنما كانت في سياق طويل عندما لوحظ أن عددًا من القضاة يحكم بغير ما تقرر في الدستور والقانون..كانت الدولة توزع أراضي الإقطاعيين علي المعدمين..
ووجد الإقطاعيون طريقًا سهلًا لاستعادة أراضيهم وهو اللجوء للقضاء.. كانت ثورة يوليو لم تستطع حتى تلك اللحظة أن يكون أبناؤها بين أحضان هذه السلطة الجليلة مثلما حدث في مهن أخري مثل الجيش وأساتذة الجامعات.. وأمام الدنيا.. كان بعض القضاة ينحازون لطبقتهم وليس لما هو موجود أمامهم من نصوص..
لأنه لا توجد نصوص أصلًا تجيز السير عكس حركة الثورة .. وكان ما يجري بحكم أيامنا الآن هو الثورة المضادة بعينها.. التي تقف أمام هيكلة اجتماعية شاملة للمجتمع المصري وإعادة فك وتركيب طبقاته من جديد.. وبين انحياز طبقي بين وصريح .. وكان لابد له من وقفة.. تعالج ما رشح منها.. دون التخطي إلي اغتيال السلطة ذاتها ولا الجور علي استقلالها.. وللحديث بقية .