حلمي النمنم «وزير الصورة وقص الشريط» يودع الثقافة.. سوء إدارته وراء البحث عن بديل.. سرقة المتحف الحديث وخسارة مصر لقب عاصمة الكتاب أهم أسباب الرحيل.. وأخفق بملف جوائز الدولة
عامان وثلاثة أشهر هي الفترة التي قضاها الكاتب حلمي النمنم وزيرا للثقافة، منذ أن جاء في 19 سبتمبر 2015 خلفا للدكتور عبد الواحد النبوي الوزير السابق، شهدت فترة وزارة النمنم أيام حلوة وأيام كثيرة مرة، فلا خلاف على أنه صحفي ماهر وباحث من طراز رفيع، لكن أداءه كوزير جاء صادما للثقافة والمثقفين معا، مما أجبر مجلس النواب على البحث عن بديل له.
جولات مستمرة
تميز الكاتب الصحفي حلمي النمنم، بجولاته المستمرة بالمحافظات، وافتتاحه للمهرجات والمعارض الفنية والمسرحية ومشاركته في الصالونات الثقافية أيضا، فيكاد ألا يمضي أسبوعا إلا وتجده مشاركا في إحدى الفعاليات الثقافية وغير ثقافية أيضا، وعلى الرغم من كثرة الافتتاحات والمؤتمرات فإنها لم تحرك ساكنا في الشارع المصري، وأصبح شعار الوزارة «صورة جماعية وقص شريط».
عُرف حلمي النمنم في الوسط الثقافي بـ«وزير الأمل الضائع المسلوب الإرادة» فكانت إرادته عاجزة عن التغيير الفعال، وقرارته يشوبها التخبط والارتباك، لم يحرك ساكنا في قضايا التنوير ومناهضة الإسلام السياسي والحسبة ومصادرة الحريات، التي كان مهموما بها قبل أن يصبح وزيرا، بل كان ناقما على الجيل الجديد من أبناء جماعته الصحفية الذي ابتذل المهنة، ناسيا دوره كصحفي من الطراز الأول.
موضة تغيير
لم يكن هناك أسباب معلنة تفسر حالة التخبط الشديدة في إدارة وزارة الثقافة للهيئة العامة لقصور الثقافة، فتناوب على رئاستها 5 شخصيات، بداية من الدكتور أبو الفضل بدران، والمجيء بالدكتور سيد خطاب الذي أقاله الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة الأسبق، وأحاله إلى النيابة العامة بتهمة التستر على وقائع فساد، ثم تكليف الكاتب صبري سعيد، ثم اختيار الشاعر أشرف عامر الذي ترك منصبه بعد أربعة أشهر، ويتولى الدكتور أحمد عواض.
سرقة المتحف الحديث
على خلاف تغيير قيادات الوزارة، فكل وزير يختار معاونيه، إلا أن ما أثير حول معرض السريالية الذي حمل شعار «حين يصبح الفن حرية.. السرياليون المصريون (1938-1965)» في أكتوبر 2016 بقصر الفنون، الذي جاء مخالفا للشروط التي وضعت لإقامته، فضم مقتنيات خاصة لبعض الأشخاص وكان من المفترض أن يضم مقتنيات المتاحف، بالإضافة إلى ضمه أعمال لا تنتمي إلى السريالية– على حد وصف الفنانيين التشكيليين- مما أثار العديد من التساؤلات عن هذا المعرض جاء على رأسها" أين السريالية في هذا المعرض، وهل عجزت وزارة الثقافة عن دورها في تقديم فنانيها بأحلى صورة أم هذا المعرض بداية لتسريب أعمال فنية خارج البلاد.. وظلت التساؤلات معلقة حتى الآن دون رد يوضح ما حدث بالفعل.
أيضا فضيحة سرقة خمس لوحات من متحف الفن الحديث للفنان العالمي محمود سعيد، وتغييرها بلوحات مقلدة على طريقة فيلم «حرامية في تايلاند»، ثم استعادتهم وتحويل كل من مديرة وأمن المتحف للتحقيق.
مهرجان المسرح
وصفت دورة سبتمبر 2017 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي، بالدورة التجريبية، لما شهدته من إخفاق كبير مقارنة بالدورات السابقة، وبداية من يوم الانطلاق، حيث تأخر الافتتاح لمدة 40 دقيقة بسبب تأخر النمنم – دون اعتذار- للضيوف الأجانب، وتقديم فرقة «التنورة» عرض الافتتاح، وانسحاب العديد من الدول قبل المهرجان، ورفض لجنة المشاهدة مشاركة عرض أوروبي بسبب ظهور إحدى الممثلات بالمايوة، وغياب الإصدارات والاكتفاء بنشرة يومية تقدم معالجات سطحية وتتميز بالأخطاء اللغوية، وسوء التنظيم الذي سيطر على المسارح طوال فترة العرض، بالإضافة إلى تشويه هوية المهرجان بعد إضافة صفة «المعاصر» الفضفاضة.
عاصمة عالمية للكتاب
تسبب تلكؤ وسوء الإدارة بوزارة حلمي النمنم، في خسارة مصر لقب «عاصمة عالمية للكتاب لعام 2019» بعدما تأخرت اللجنة المصرية المسئولة في الوزارة عن الترشح، في تقديم ملف مصر إلى اللجنة الدولية لعواصم الكتاب العالمية في منظمة اليونسكو إلى آخر 48 ساعة من فترة التقديم، على الرغم من وصول إعلان اليونسكو إلى وزارة الثقافة المصرية في سبتمبر 2016، وقد أدى هذا التقصير إلى حصد الشارقة لهذا اللقب، لتكون أول مدينة خليجية تنال هذا اللقب، والثالثة في الوطن العربي بعد الإسكندرية وبيروت.
وبررت وزارة الثقافة المصرية خسارتها، بأنّ القاهرة غير قادرة على منافسة إمكانات الشارقة المادية، مما دفع أربعمائة من الأدباء والمثقفين لإصدار بيان، طالبوا فيه بتنحي الوزير عن منصبه، بسبب تلك الواقعة.
صالون الجزائر
أزمة أخرى كادت أن تقضي على تاريخ التعاون والتبادل الثقافي بين مصر والجزائر، عندما تغيب النمنم وزير الثقافة، عن افتتاح صالون الجزائر الدولي للكتاب، الذي كانت مصر ضيفة الشرف، لولا تدخل السفير المصري عمر أبو عيش لامتصاصها.
وعلى غرار هذا، أثار غياب الوزير عن حضور اجتماعات لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، لمناقشة طلبات الإحاطة المقدمه ضد النمنم، حالة من الاستياء بين أعضاء اللجنة، مما جعل البعض يصف إرساله ممثلين عنه، أنها استخفاف بالبرلمان بل بمصر كلها.
الأقصر عاصمة للثقافة العربية
ليس هناك وصف أدق لفعاليات اختيار مدينة الأقصر«عاصمة للثقافة العربية » لعام 2017، ضمن مشروع العواصم الثقافية العربية، الذي تشرف عليه منظمة الألكسو، سوى «فعاليات بير السلم» التي بدأت في مارس الماضي، ويبدو أن وزارة الثقافة لم تدرك أهمية هذا الحدث الذي قارب على الانتهاء، فلم يكن هناك إستراتيجية واضحة للفعاليات وطبيعة المحتوى الفكري الذي سيناقش أو حتى التنسيق بين قطاعاتها المختلفة، فلم يحضر وزراء الثقافة العرب للمشاركة في الحدث الأهم للوزارة، وتجاهلت الوزارة الأدباء والكتاب من أبناء المحافظة نفسها، بالإضافة إلى عشوائية الندوات المفاجئة، وضعف التغطية الإعلامية، وغياب خطة الوزارة فيما تسعى لتحقيقه وتسويقه، مما أدى عدم معرفة ساكني المحافظات الأخرى وعلى رأسها القاهرة باختيار الأقصر عامة للثقافة العربية.
جوائز الدولة
رفع النمنم شعار «المنع» لمتابعة عمليات التصويت والنتائج على جوائز الدولة 2017 على الشاشات الإلكترونية من قبل الصحفيين، وكانت حجة الوزارة أن الدورات السابقة لم يسمح فيها للصحفيين بمتابعة نتائج التصويت على الجوائز، وهذا غير صحيح، حيث تابع محررو الثقافة عملية التصويت عامي 2015 و2016، ورغم صدور قانون خاص بآليات منح جائزة الدولة التشجيعية، وضع شرطا بألا يتجاوز عمر المرشح لنيل جائزة الدولة 40 عامًا، حتى وقت إعلان النتيجة، إلا أن النمنم أوقف العمل بهذه المادة، على أن يعمل بها في الدورات المقبلة، بحجة أن المتنافسين قدموا أعمالهم قبل إقرار القانون بعامين، ليفوز 8 فائزين في هم في العقد السادس من العمر، و2 في العقد السابع، و10 في العقد الخامس، وفائز واحد فقط عمره أقل من 40 سنة، أيضا فاز ثلاثة مرشحين بالتشجيعية، وهم أعضاء في لجان المجلس الأعلى للثقافة، التي تختار المحكمين، وتحدد آليات الفوز.
منح التفرغ
ولم تخلو منح التفرغ من حالة الارتباك التي شهدها سابقيها، حيث سجلت لجنة الفنون التشكيلية الخاصة بإدارة منح التفرغ، اعتراضها على مخالفة اللوائح الخاصة بلائحة التفرغ، التي تهدف إلى تحقيق العدالة والمساواة بين كافة المتنافسين دون تفضيل فئة عن أخرى، في خطاب رسمي إلى الوزير، وإعلامه بتغيير النتائج وعدم حصول المستحقين على حقوقهم، بعد انتهاء جميع أعمال التحكيم، وتغليب فئة الأدباء على حساب الفنانين والعمل على تضليل اللجنة العليا للمنح، مطالبينه بالتحقيق في تلك الواقعة، لكن الوزير آثر الصمت على الدخول في أي معركة جديدة.