رئيس التحرير
عصام كامل

هل مازال القانون في إجازة ؟!


الخلاف فى الرأى على كل المستويات لا يفسد للود قضية، وهو دليل حيوية وعافية ما التزم المختلفون فى الرأى بالحوار الهادئ البناء وبروح القانون وسعوا لتحقيق غاياته.. لكن إذا أدى إلى الصدام من أى جانب وتغييب العدالة والحسم والمنطق، فإنه ينال من هيبة الدولة ويزعزع مكانتها فى نفوس أبنائها.. وهنا يستلزم الأمر ضرورة إعادة الهيبة المفقودة للقانون أو بسط سلطانه على الجميع دون استثناء، فالعدالة هى الطريق لمجتمع متماسك قوى، يحتمى أفراده بسياج العدل.. فهل يتحقق ذلك ولاتزال القدوة غائبة والمرجعية مفقودة.. والفئة المنوط بها وضع القانون أو تنفيذه تستمرئ الحصول لنفسها على امتيازات تخرجها من عداد المساواة، وتهدر مبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع حتى صارت مخالفة القانون شيئًا طبيعيًا لا غضاضة فيه.. وصار البعض منا يريد تفصيل الأحكام وفق مشيئته وأهدافه وإرادته بغض النظر عن تأثير ذلك فى الآخرين ومصلحة المجتمع ككل!

يبدو طبيعيًا فى سياق كهذا أن يتوق الرأى العام إلى التغيير، تغيير يعيد له الأمل فى إصلاح ما أفسده البعض.. تغيير يعيد للمجتمع توازنه بحكم القانون الذي يخضع الكل لسلطانه - رئيسًا أو وزيرًا أو غفيرًا - طوعًا أو كرهًا.. تغيير يعيد للشارع انضباطه ويقضى على ما به من «فلتان» يكاد يهدد أمنه وسلامه الاجتماعى.

 لا تغيير حقيقيًا من دون تعليم جيد منتج ومتطور.. ولو أننا فعلنا ذلك ما وصلنا لهذه الحال من تردٍ فى منظومة الصحة، وتراجع فى مستوى الخريجين أخرجهم من المنافسة فى سوق العمل، فمؤهلاتهم غير مناسبة، ومهاراتهم وكفاءاتهم محدودة، فاتجه بعضهم للهجرة غير الشرعية وما صاحبها من أضرار أو للعمل بأجور متدنية.. والنتيجة لا الدولة استفادت من طاقة هؤلاء الشباب ولا عاد الشباب يثق فى الحكومة وبتصريحاتها ووعودها وأرقامها حتى ولو كانت صحيحة.. من هنا اتسعت الفجوة بين الجانبين.

 مطلوب منا - مثلا - تقييم تجربة «الوزراء رجال الأعمال» وهل حققت المنشود منها أم أحدثت شرخًا فى المجتمع وباعدت بين فئاته وطبقاته.. وهل استطاع هؤلاء «الوزراء» الفصل بين مصالحهم وشركاتهم ومناصبهم الوزارية.. وهل .. وهل؟.

 ما يحدث يدعونا لإعادة النظر فى أمور كثيرة لا مفر من مراجعتها، ففى غياب القانون كل شىء مستباح، وهو ما يمهد لاهتزاز القيم وسيادة البلطجة وثقافة النهب والتكويش وشريعة الغاب..!


متى يصبح القانون فوق الجميع وأكبر من الأشخاص مهما تكن وظائفهم ومكانتهم.. ومتى نسد ثغرات القانون؛ ليصبح كالسيف قاطعًا لكل يد تعبث به؟.. متى يبادر إلى احترامه رجل القانون المنوط بهم إعماله؟.. ياسادة.. الناس تنتظر أن تعاد للقانون هيبته.. فإذا أردنا المساواة فعلينا بإلغاء جميع الحصانات والامتيازات التى تجعل فئة معينة فوق الجميع، فالمواطنون سواسية أمام القانون والدستور.. فهل نتدارك الأمر قبل أن يستفحل الخطر وتستعصى مشكلاتنا على الحل؟!

إننا نثق فى نزاهة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود الذى لا يرضيه أبدًا أن يكون أحد - مهما يكن - فوق القانون.

 كتبت هذا المقال بعنوان عندما يغيب القانون..! فى شهر ديسمبر 2010 أى قبل ثورة 25 يناير 2011 بأيام.. تُرى هل تغير شىء الآن.. وهل مازال القانون فى إجازة.. عمومًا نحن فى انتظار إجابتكم..!

الجريدة الرسمية