رئيس التحرير
عصام كامل

«سامبا» يعيد أمجاد «عبد الغفور البرعي» إلى حي المطرية (صور)

فيتو

مشهد يعيد الأذهان لحقبة التسعينيات، حين كان مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي" يُعرض للمرة الأولى على الشاشة الصغيرة، مظهر الفنان نور الشريف بجلبابه المتهالك ويَديه المتسختين، وقطع الحديد والمعادن التي تحيط به من كافة الاتجاهات، ما زال عالقا في أذهان الأجيال المتعاقبة، ليَتبادر في ذهن المار من أمام ورشة "محمد الدقاق" بحي المطرية، حينما تقع عيناه على "سامبا" وهو يتوسط أدواته وقطع المعادن المتناثرة حوله.



منذ ثلاثة عشر عاما حضر "محمد"، 23 سنة، الشهير بسامبا، من بلدته "ملوي" بمحافظة المنيا، بعد أن تراكمت مشكلاته مع أبناء عمومته وجيرانه، فأشار زوج أخته على والده أن يصطحبه معه إلى القاهرة، وتحديدا حي المطرية حيث يسكن هو وزوجته، "جوز أختي أخدني معاه كنت طفلا مشاغبا وبعمل مشكلات، قرر والدي أني أنزل مصر وأعتمد على نفسي"، بوجهه الأسمر وملامحه الحادة يبتسم سامبا ليكشف عن أسنان صفراء لكثرة جرعات الشاي والسجائر، يسرد تفاصيل أيامه الأولى بالقاهرة.


"وأنا عندي 10 سنين جيت هنا الورشة عند المعلم موحا "محمد" كنت شغال مخزنجي"، والمخزنجي هو الذي يحمل قطع الخردة والأوراق القديمة وغير ذلك ليدخلها في المخازن المخصصة لها استعدادا لنقلها إلى الشاحنات، تربى على أيدي المعلم حتى شب عوده وسبقت ملامحه وعضلاته سنه، "المعلم هو اللي رباني وشربني الصنعة".


لم ترق مهنة المخزنجي لسامبا، ففي عامه الرابع عشر، بدأ في تتبع الصبي المتخصص في فصل المعادن، يجلس بجواره ويتتبع ما يفعله، "كنت بشوفه إزاي بضربة واحدة بيقدر يفصل الحديد عن النحاس عن البلاتين، بسرعة اتعلمت"، وفي خلال عام ساعدته الأقدار في الوصول إلى حلمه الحاد مثل وجهه، ترك الصبي العمل مخلفًا وراءه أجولة من المعادن التي تحتاج إلى الفصل، "قولت للمعلم وقتها أنا اللي هشتغل على كل ده"، وفي وقت قياسي أصبح سامبا محترفا في هذه المهنة الشاقة، "المهنة دي زي أي مهنة لها خطورتها، لكنها أشد، لأن بضربة واحدة لو غلط الشاكوش بيكون سخن وممكن ينزل على أيدي يعجزها".


تزوج سامبا ابنة جارته في منزل أخته الذي أقام به، كان في التاسعة عشرة من عمره، أشار عليه معلمه أن يتزوج، وساعده في تشطيب الشقة وفي كافة تكاليف الزواج، "اتجوزت في خلال سنة وعندي بنتين، نفسي أعلمهم علشان ميبقاش ليهم نفس مستقبلي ده".

بين الشاكوش و"السندة" يجد سامبا حياته التي ترك الصعيد لأجلها، يومه لا جديد فيه، لكنه بفضل شغفه وتعلقه بمهنته، أصبح كل يوم يبحث عن جديدها، ثماني ساعات يقضيها بين أدواته، يبتسم لهذا ويطلب من آن لآخر أن يعطيه "نفسين" من سيجارته.
الجريدة الرسمية