رئيس التحرير
عصام كامل

أنا مش هندي!


منذ أن وطأت قدماي مطار أنديرا غاندي العتيق بالعاصمة الهندية نيودلهي، وأنا أتابع أوجه الشبه بين الهند ومصر بدء من شوارعها، أسواقها، ضواحيها وأزقتها وابتسامة أهلها في وجوه الضيوف والسائحين

علاقتي بالهند تنحصر في متابعة السينما الهندية فحال كنا صغارا ومع حلول العيدين الفطر والأضحى كانت مشاهدة أفلام أسطورة السينما الهندية أميتاب باتشان قاسما مشتركا بين الكثير منا خاصة أفلام لقاء الجبابرة وقمر أكبر أنتونى، لقد كانت باتشان الذي التقيته في القاهرة عام 2015 علامة فارقة في رمزية السينما بالنسبة لأجيال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات.

نعم عندما تجولت في أسواق مونيكا وساروجينى كان الشبه واضحا بينها وبين أسواق العتبة والموسكى، التوك توك هنا في نيودلهي يذكرك كثيرا بمصر، خاصة أنه كالجراد المنتشر في كل مكان، الشبه لا يمكن إنكاره في الشكل بين الهنود وأبناء الصعيد. هنا الهند بلد المتناقضات والعجائب فرغم التعدد المذهبي والطائفي واللغوي إلا أن لا أحد يسألك عن ملتك أو ديانتك.. هنا في بلد تضم نحو مليار وثلت لا إرهاب ولا تعصب... تجولت بالقرب من المعابد ودخلت إحداها لم يسألني أحد عن هويتي، يؤمنون بالعمل الجاد ويخطون نحو التقدم بخطى واثقة.

كثيرا ما كان يقول البعض هو أنا هندي! في تشبيه خطأ يربط بين عدم الفهم والإدراك والهنود هؤلاء قط لا يعرفون ما وصلت إليه الهند التي تُعد سابع أكبر اقتصاد في العالم وواحدة من أسرع اقتصاديات العالم نموا وواحدة من أهم الدول الصناعية.

نيودلهى التي جئت إليها من القاهرة للحصول على دبلومة في الصحافة من أحد معاهدها العريقة في إطار التعاون الدولى بين الهند ومصر أصبحت أكثر سعيًا في التحرك نحو شغل مكانة وسط القوى الكبرى على المستوى الدولي، بما يتوافق مع عظمة التاريخ الحضاري للهند، ودليل ذلك التحركات الهندية من الشرق إلى الغرب، وسعيها إلى بناء علاقات مترابطة مع الدول الغربية، ومنطقة آسيا، وأفريقيا.

وما زالت التحليلات السياسية متصلة بشأن الهند فيما يتعلق باعتبارها أكبر جمهورية ديمقراطية في العالم من حيث عدد السكان، وقد كان حزب المؤتمر الوطني الهندي أحد أكثر الأحزاب تسلمًا للحكومة في تاريخ الهند بعد استقلالها. وعلى الرغم من السيطرة الكبيرة للمؤتمر الوطني الهندي على الحكومة لفترات طويلة، إلا أن ذلك لم يمنع ظهور أحزاب قوية نافسته وانتزعت السلطة منه عن طريق الانتخابات، ومن هذه الأحزاب حزب الشعب الهندي (بهارتيا جاناتا) الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الحالي ناريندرا مودي، بل إن الحزب الحاكم في الهند الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الهندي مودي فقد بعض مقاعده في الانتخابات المحلية التي جرت في ديسمبر الفائت.

نعم أنا لست هنديا ولكنى محب للهند بثقافتها وحضارتها وعمق مضيها.. محب للتناغم الذي يسود رغم اختلاف الملل والديانات.. محب لحفاظهم على هويتهم محب لتجربتهم الديمقراطية... محب لقوتهم الصلبة والناعمة التي أشبهها بأنهم يمتلكون العصا والجزرة... فالهند تعنى البساطة والعمق وللحديث بقية عن التجربة الهندية.
الجريدة الرسمية