السوق والحقوق
وصلتنى رسالة من المهندس ماهر صادق من كبار رجال الصناعة في مصر يقول فيها:
"لا شك أن السوق تبنى على الأمانة وأن عمليات البيع والشراء ليست في كل الأحوال عمليات نقدية، أي أن البائع يستلم الحق في وقت البيع، إذ أن هناك في أغلب الأحوال 3 شهور قبل أن يستلم البائع الحق، وحتى يمكننا أن نحمى السوق من عمليات عدم سداد الحقوق للمنتجين -وهو ما يترتب عليه فقدان الثقة بين البائع والمشترى من جهة وإعطاء صورة غير لائقة بالسوق المصرية لأن المتوقع أن يكون هناك التزام من المشترى بقيمة البضاعة المبيعة وعليه الالتزام بالسداد- فإننى أقترح الآتى:
أن يكون للعاملين في مجال الاستثمارات حق الاطلاع على سجل شامل للمشترين يمكنهم من خلاله التحقق من شخصياتهم وتاريخ معاملاتهم مع الآخرين والبنوك، فلا نريد منهم إلا بناء الثقة حتى لا تتكرر عمليات عدم الالتزام بالسداد.
واقترح أن يتم تمكين البائعين من استيفاء حقوقهم بالشيكات من أي بنك في مصر وبسرعة، لأن البائعين بالمنطق أيضًا لديهم التزامات لابد أن يقوموا بالوفاء بها، وأن أي تعطيل لتحصيل الشيكات المستحقة للبائع سيترتب عليه تأخير في سداد الشيكات المستحقة عليه".
انتهت رسالة القارئ الكريم الذي أتوجه إليه بالشكر على الرسالة التي تعبر عن واقع نعيشه ومطلوب التحرك فيه على أقصى سرعة لتغيير إجراءات في السوق تعيد الثقة للمتعاملين، وهى أساس لابد أن نحافظ عليه، وقد تناولت في إحدى المقالات السابقة مشكلة اتجاه السوق إلى أن يصبح سوقا نقدية لا تتم فيه معاملات خوفًا من خيانة الأمانة إلا عن طريق تبادل النقود، وهو ما يعنى أن توجه الدولة سليم لتطبيق الشمول المالي، إذ أن الضرر لا يكون زيادة في حجم السوق الموازية بقدر الخطر الأكبر وهو نقص السلع والخدمات في الأسواق، مما يترتب عليه ارتفاع أسعار غير مبرر، ولا يشكل الصورة الحقيقية للسعر المناسب، وبمعنى آخر مستوى أفضل للحياة لدى المواطنين.
إن على الدولة أن تتحرك نحو إرجاع الثقة في التعامل بالشيكات وتغليظ العقوبة على المخالفين لسداد الأمانات، الذين يختفون عن الأنظار ومن البائعين من يقدم البلاغات ومنهم من يرتضى بالخسارة خوفًا من الدخول في دوامات التقاضي، وهو ما يضر بسمعة الاستثمار في مصر، وهو ما يجب الحفاظ عليه من أجل مستقبل أفضل لمصر.. علينا باتخاذ الإجراءات الكفيلة برجوع الأمانة إلى السوق.