بدو كفر الشيخ: «إحنا منسيين وحياتنا وعملنا رعي الأغنام» (فيديو)
تشعر بدهشة بالغة عندما تمر على تلك الخيام المنصوبة على الأراضي الزراعية، وبداخلها الكثير من النساء والرجال والأطفال، يعيشون حياتهم كاملة في العراء لا يحميهم من الشمس أو الأمطار سوى أربعة أعمدة من الحديد، تم غرسها في الأرض يعلوهم قطعة من القماش أو المشمع، فأصحاب تلك الخيام لا يعرفون المدارس ولا الوظائف ولا أي شيء عن حياة المدنية، وكان لـ"فيتو" جولة بين هؤلاء للتعرف على طبيعة حياتهم.
"إحنا منسيين وحياتنا وعملنا هو الغنامة في الأراضي".. بهذه الكلمات بدأت الحاجة "آمال محمد"، 50 عاما، حديثها لـ"فيتو"، نحن من منطقة بجوار الحامول، وحياتنا كلها في هذه الخيم سواء الصيف أو الشتاء، وطوال عمري عشت تلك الحياة الصعبة، ولكننا اعتدنا عليها، ونقضي الشتاء بأكمله هنا في العراء ونقوم بوضع المشمعات على الخيم لتحمينا من الأمطار.
وتابع، مسلم سالم، أنا لدى من العمر، 68 عاما، واصلنا من العرب البدو، وأجدادنا عاشوا بمنطقة أبو سكين بمركز الحامول، وما ترونه من أغنام وبهائم هم كل ثروتنا في الحياة التي نتوارثها أبًا عن جد، ونعيش في تلك الأرض التابعة لوزارة الزراعة والواقعة بين كفر الشيخ وقرية روينة، ونقوم باستئجار الأرض من شهر سبتمبر وحتى شهر مارس، لكي نحصل على البرسيم من أجل ماشيتنا، مشيرًا إلى أنه يوجد بينهم من يمتلك بيوت ويوجد من ليس لديه بيوت.
حرمانهم من التعليم
وفيما يتعلق بالتعليم، أوضح، الحاج سالم «بناتنا لا يتعلمون، وحتى الصبيان عندنا لا يتعلمون، فالحياة غير المستقرة التي نحياها جعلتنا لا نعرف شيئًا عن التعليم، فجميعنا سواء الجيل الحالي أو الأجيال السابقة لم نتعلم، وبالتالي لم نحصل على أي وظائف من الدولة، وكل مصادر دخلنا وحياتنا داخل تلك الخيم وعلى الأراضي الزراعية وبين أغنامنا، وتظل حياتنا هكذا نتوارثها جيل بعد جيل من المحيا وحتى الممات».
وخلال جولة "فيتو" داخل تلك الأراضي وبين المخيمات، طلب كلا من "إسلام" صاحب الـ6 أعوام، و"عبد الرحمن" صاحب الـ 3 أعوام، والذي يعلو وجههم ابتسامة أن نصورهم قائلين "صورونا ونحن نسرح بالغنم"، بينما تقول، حنان أحد بنات العرب، لم أتعلم ولا أعرف القراءة أو الكتابة، وحياتى أقضيها بين "الغنمات"، ثم اصطحبتنا "حنان"؛ لأحد الخيم المخصصة للغنم الصغيرة حديثة الولادة، والتي لم تخرج بعد في قطيع الغنم لعدم قدرتها على الحركة.
تقاليد الزواج
وفيما يتعلق بكيفية الزواج عند هؤلاء العرب، أفاد السيد: «الزواج يكون هنا بنفس المكان حيث إننا نأتي بالمعازيم ونجلسهم داخل خيمة كبيرة، ونأتي بنعجتين أو ثلاثة على حسب الحاضرين، والمتزوج له خيمة خاصة به وزوجته، وهي دائمًا مغلقة ولا يسمح لأحد بالدخول فيها، ويظل المتزوج وزوجته في منزل أهله بالمنطقة، التي ينتمون إليها طوال النهار، ثم يأتوا إلى الخيمة ليناموا فقط، ويظلوا على هذا الوضع ما دام والدي الزوج على قيد الحياة لا يمكنه الانفصال عنهم، ونادر جدا أن يحدث زواج الأغراب، فغالبًا الزواج يكون بين الأقارب والمعارف والجيران، وبناتنا لا يتزوجون أغراب».
حماية الماشية
قال السيد محمد، أحد الشباب: «إننا نحضر "الراكية" لعمل الشاي والتدفئة، ونقوم بعمل مناوبات فالبعض يحرس الغنمات والبهائم ليلًا داخل أحد الخيام في فصل الشتاء، والبعض ينام بالنهار، وفى حقيقة الأمر إننا سعداء بهذه الحياة، وعن سقوط الأمطار على الغنمات، أفاد، أن الأغنام لديها القدرة على تحمل الأمطار، وللعلم لحم الغنم من أفضل اللحوم المفضلة والمطلوبة لدى التجار، وسوق الغنم له مواسم أهمها موسم عيد الأضحى، وسعر الغنمة تبدأ من 1500 جنيه فما فوق، وأيضًا سعر جدي الماعز يختلف عن جدي الخروف، ولكن سلالة إنتاج الغنم أفضل من الماعز».
المعاش والرعاية البيطرية
ويضيف الحاج محمد الكردي: «نعاني من غلاء المرعى، وهي أرض البرسيم التي نستأجرها بالزراعة، حيث إن وجه البرسيم الواحد بلغ 2500 جنيه، وعندما تتعب المراعى الخاصة، بنا سواء الأغنام أو البهائم، فإن الطب البيطري لا يعالجها وليس له علاقة بنا، ونضطر للإرسال في طلب طبيب بيطري خاص على حسابنا للكشف على ماشيتنا، ويأتي لنا بالعلاج بأسعار مضاعفة، كما أننا لا نحصل على أي تأمين من الدولة أو معاش أو أي شيئ، فالحكومة لا تعلم عنا أي شيء ولا تقدم لنا أي خدمات، باختصار يمكننا القول أن كل شيء في حياتنا نحصل عليه بالمال، وإذا لم نجد المال "نجوع" ولا نحصل على دعم في أي شيء، ونطالب الطب البيطري بأن يرسل لنا أطباء بيطريين للكشف على الماشية، وأن يمدنا بعلاجهم بأسعار رمزية، ونطالب أيضًا أن تصرف الحكومة معاشات لكبار السن منا، فنحن لم نطلب من الحكومة أي شيء ولم نكلفهم طوال حياتنا أي أعباء، و«عيشتنا صعبة.. ومحدش بيسأل فينا».