رئيس التحرير
عصام كامل

نكون أو لا نكون.. كفى سفه الاستيراد!


الشعب كله لا يزال يضحي ويتحمل صعوبات قائمة وتحديات كبيرة وعراقيل اجتمعت لها دول وأجهزة استخبارات وتمويل لا محدود لإضعاف الروح المعنوية للمواطن، ودق أسافين بين الشعب وحكومته.. لكنها مؤامرات وألاعيب تحطمت بفضل الله فوق صخرة الوعي والهمة والصبر الذي يتحلى به شعبنا.. وهي تحديات لا تزال قائمة.. ومازلنا في مفترق طرق حتى هذه اللحظة رغم مبشرات الأمل ومؤشرات الاستقرار والتعافي الاقتصادي والنصر على الإرهاب.. مازلنا بين الحياة والموت.. بين البناء والهدم.. فإما نكون أو لا نكون..


ومن ثم فإن حكومة المهندس شريف إسماعيل ـ أتم الله شفاءه ـ ينبغي أن تكون هي الأخرى على مستوى تضحيات هذا الشعب، وعلى مستوى المسئولية الجسيمة التي وضعها في أعناقها، وعلى مستوى طموحات الشارع وما يريده الرئيس السيسي لمصر.. فهي صاحبة قرار تعويم الجنيه الذي لا نزال نتحمل تداعياته جميعًا.. وهو ما يطرح سؤالًا: هل توفرت مقومات نجاح هذا القرار المصيري حتى النهاية، لاسيما وقد مسَّ مثل هذا القرار حياة كل المصريين ولامس احتياجاتهم الضرورية بصورة مباشرة.. صحيح أن القرار تأخر كثيرًا وكان ينبغي أن تنهض به حكومات سابقة تهربت منه، وصحيح أنه لا بديل عنه لعلاج اختلالات اقتصادية مزمنة.. لكن هل أجرت تلك الحكومة إصلاحات اقتصادية حقيقية تمهد الأرض لنجاح مثل هذا القرار.. وماذا فعلت لزيارة الصادرات وزيادة معدلات السياحة، ومواردنا من النقد الأجنبي.. ماذا فعلت لتشغيل المصانع المتوقفة؟!

وهل يعقل في ظل ما نعانيه من نقص في العملات الأجنبية أن تظل معدلات الاستيراد وأرقامه على هذا النحو المذهل.. فننفق مليارات الدولارات سنويًا على شراء مستحضرات تجميل ولعب أطفال وحفاضات وواقيات صحية ولوحات فنية وتماثيل وعصائر وفواكه محفوظة وفول وأرز وتوابل وياميش وأمشاط شعر وبيض وألبان وعسل ونباتات ونشا وفول سوداني.. هل يعقل أن نستورد في 8 أشهر فقط بأكثر من 42 مليار دولار، كما تقول أرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.. ألا يمكن وقف هذا النزيف.. ألا يمكن الاستغناء بالبديل المحلى عن بعض السلع.. والسعي بقوة لإنتاج مثل هذه الأصناف داخل مصر حتى يعتدل الميزان التجاري لصالحنا، ولا نظل تحت رحمة الدولار؟!
الجريدة الرسمية