رئيس التحرير
عصام كامل

صناع السعف والجريد.. حرفة عريقة قتلها الإهمال بالفيوم (صور)

فيتو

كانت صناعات الجريد قبل اندلاع ثورة يناير، من الصناعات اليدوية التي تدر "ذهبا" على أصحابها؛ لأن إنتاجهم كان يصدر للخارج، خاصة حجرات النوم والأنتريهات، والمكاتب التي كانت تصنع من جريد النخيل، والبرانيط وشنط السيدات التي كانت تعتبر من الإنتاج المتميز في العالم.


قرية العجميين بالفيوم، كانت لا تعاني من البطالة بسبب انخراط أهل القرية في هذه الصناعة، وبعد توقف التصدير وارتفاع أسعار الجريد بعد التعويم سادت القرية حالة من الكساد، وأغلقت عشرات الورش أبوابها.

يقول أحمد محمود، أحد أهلي قرية العجميين، أن ألفي عامل يعملون في 250 ورشة لتصنيع الأقفاص، ومقاعد الحدائق والأندية، من جريد النخل، يعانون من إهمال الدولة لهم، فلا تأمين صحي، ولا نقابة ترعاهم، ولا قروض ميسرة تساعدهم في التغلب على ارتفاع أسعار جريد النخيل، الذي يحصلون عليه من أسوان أو الواحات.

ويضيف: "كما أن ضعف التسويق جعل أصحاب الورش يستغنون عن خدمات الكثير من العمال، حتى أصحاب الورش أنفسهم من الممكن أن يغلقون ورشهم إن وجدوا البديل، ومعظم الصنايعية يقتاتون يوما بيوم؛ لأنهم لا يجيدون عملا آخر سوي تصنيع الأقفاص والكراسي".

وأضاف محمود، أن الصناعة اقتصرت على الأقفاص والكراسي بعد أن كانوا يصنعون أسرة ودواليب وحجرات نوم كاملة وكان الإنتاج يصدر للخارج كنوع من التميز.

وتابع أنه بعد أحداث ثورة يناير عادوا إلى سابق عهدهم قبل تطوير الصناعة، وتوقفوا عند الأقفاص التي يتراوح سعر الواحد منها ما بين 5، 6 جنيهات، والكراسي التي تباع بسعر50 جنيها للواحد للقرى السياحية والكافتريات.

ويوضح محمد رجب، من العاملين في حرفة الجريد، إن الصنايعي يتقاضى يوميا 100 جنيه، يعيش منها هو وأسرته ويعالج وينفق على المدارس والدروس الخصوصية ويلبس ومن المفترض أن يتنزه هو وأبناؤه ولو مرة في العام.

ويعذر رجب أصحاب الورش على ضعف اليومية؛ لأن الصنايعي يستغرق عمله 50 دقيقة؛ لإنتاج قفص يباع بـ10 جنيهات، و6 ساعات لإنتاج كرسي يباع بـ75 جنيها.

ويطالب صناع الأقفاص بإنشاء نقابة لهم تضمن توفير المساعدات اللازمة لهم وتمنحهم شعورا بالأمان، كما طالبوا برعاية الدولة لهم تيسير قروض لتطوير الصناعة؛ لأن البنوك تقرضهم بفوائد مرتفعة مما عرض بعضهم للسجن؛ بسبب عدم توافر أقساط القروض.

أما صناع "البرانيط والشط" من سعف النخيل المنتشرة بمنطقة السواقي، فأكد أنهم منذ اندلاع ثورة يناير وبضاعتهم كسدت لعدم وجود زوار للسواقي وانعدام السياحية الداخلية، لكنهم لا يعرفون عملا آخر ينصرفون إليه، ويتركون هذه المهنة التي أصبحت عبئا عليهم.

وتابع: "وعندما فكر المحافظ الأسبق المهندس أحمد على أحمد في إعادة الحياة دعى إلى احتفالية بصناعة الفخار والصناعات اليدوية، ونسي صناعة الجريد والسعف التي دخلت الفيوم من منتصف القرن الـ18".
الجريدة الرسمية