رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا احتفظ إحسان عبد القدوس بـ«كوز ألومنيوم» في بيته؟

 احسان عبد القدوس
احسان عبد القدوس

في مجلة "الجديد" عدد يناير عام 1974 كتب محمد الشناوي مقالا بمناسبة عيد ميلاد الكاتب إحسان عبد القدوس، قال فيه:


في إحدى عمارات شارع الجبلاية بالجزيرة يقطن الكاتب الأديب إحسان عبد القدوس منذ سنوات، وقد قمت بزيارته مؤخرا، وقد لفت نظري عندما دخلت حجرة مكتبه الخاص المطلة على النيل من ارتفاع عشرة أدوار منظر غريب لم أستطع تفسيره، ولم أفهم منه شيئا لأول وهلة... (كوز صغير من الألومنيوم موضوع فوق قاعدة جميلة من الخشب الأسود).

ولما لاحظ الأستاذ إحسان نظرة الدهشة والحيرة تطل من عيني، ابتسم وقال:
 
اقرأ ما كتب على الكوز وستجد إجابة سؤالك الحائر.

مددت يدي في تردد وأمسكت بالكوز الغريب الذي يبدو في تواضعه الزائد شيئا طفيليا وسط حجرة المكتب الأنيقة التي يخلو فيها الأستاذ إلى نفسه معظم ساعات صحوه.
قلبت الكوز فوجدت عبارة مكتوبة تقول (السجن الحربي زنزانة رقم 19 من أبريل إلى يوليو 1954).

أعدت الكوز إلى مكانه، فبادرني الأستاذ قائلا: هذا الكوز يمثل بالنسبة لي ناقوسا يدق في أذني كلما أحسست ببوادر ضعف.. ليذكرني دائما بأنني على حق في موقفي الكلي من قضية الحرية.. ذلك الموقف الأخلاقي الذي يحكم علاقاتي بالسياسة والسياسيين قبولا أو رفضا.. وسيظل يحكمها طالما إحسان هو إحسان.

وتذكرت كيف يسجن نفس الكاتب الذي كان يلهب ظهر حكومات الملكية بسياط النقمة والسخط قبل الثورة حتى إنه كان أحد المشاركين في التمهيد للثورة بحملاته الصحفية المعروفة في قضية الأسلحة الفاسدة وغيرها.

فهل غير كاتبنا الكبير موقفه الفكري وانتقل لسبب أو آخر من صفوف المؤمنين بالثورة المؤيدين لها إلى صفوف المعادين؟

يقول الأستاذ إحسان عبد القدوس: ابدأ.. فأنا إنسان أؤمن بضرورة الحركة واكفر بالجمود لأنه قرين الموت ومقدمة طبيعية له، والثورة قمة الحركة الدافقة انطلاقا لصنع مستقبل جديد على أنقاض واقع تجمد وانتهى.

وأضاف: أنا نصير المستقبل وعدم الاستسلام للواقع، خاصة إذا كان عفنا كما كان الحال قبل تفجير الثورة.
الجريدة الرسمية