رئيس التحرير
عصام كامل

عباس محمود العقاد يكتب: الشجرة الخضراء

عباس محمود العقاد
عباس محمود العقاد

في ليلة رأس السنة الميلادية عام 1954 كتب الأديب عباس محمود العقاد مقالا في جريدة أخبار اليوم، مُشاركة في الاحتفال بميلاد السيد المسيح عليه السلام والاحتفال بعام جديد، قال فيه:


«في سنة 1740 كتب القس "دانهاور" من ستراسبورج يعجب من شجرة عيد الميلاد قائلا: إنه من الصغائر التي يشغل بها الناس أوقاتهم في عيد الميلاد، بدلا من اشتغالهم بكلمات الله، إنهم يقيمون شجرة من فروع التنوب ويُزينونها بالعرائس والحلوى المسكرة، ويَهزونها لتُستقط ثمراتها ويفرحون بها.

ولا أدري من أين جاءت هذه العادة، فهي عادة صبيانية كان خيرا منها أن يعودوا الأطفال أن يتعلقوا بدوحة الروح السيد المسيح.

والقس الفاضل صادق في قوله، إن هذه العادة لم تكن من تقاليد المسيحية الأولى، لكنها من العادات التي احتفظ بها أبناء الشرق الأوسط في القارة الأوروبية، ونقلوها إلى حفلات رأس السنة، ثم حفلات عيد الميلاد، لأنها تجري مع حفلات رأس السنة في موسم واحد.

أما أصلها القديم فهو سابق لميلاد السيد المسيح بأكثر من ألفي عام، وأول ما عرف من تاريخها أن البابليين الأقدمين كانوا يسمونها شجرة الحياة، وأنها تحمل أوراق العمر في رأس كل سنة، فمن اخضرت ورقته كتبت له الحياة طوال السنة، ومن ذبلت ورقته وتساقطت فهو ميت في يوم من أيامها.

سرت هذه العادة إلى الشرق من أوروبا الشرقية والوسطى، وجعلوا يحتفلون بالشجرة ويختارون لها الورق من الأشجار التي تحتفظ بخضرتها طول العام ومنها أوراق البقس والتنوب واللبلاب وما إليها.

وحكمتها أن اللون الأخضر تخافه شياطين الجدب والقحط، وهكذا يتفائلون بالشجرة الخضراء.

وقد حدث الاحتفال بعيد الميلاد نفسه بعد عدة قرون من مولد السيد المسيح، والسيد المسيح كان مولده مولد السلام والمحبة، وما أحوج العالم إلى السلام والحب في هذه الأيام.

فليهنأ العالم بمولده حيث كان، ولينتهج فيه منهج صاحبه أن كان في العالم بقية من خير وصلاح وبقية من إيمان بغير المال والسلاح.
الجريدة الرسمية