رئيس التحرير
عصام كامل

عمال ورش الخراطة «العزم شديد والقوة حديد» (صور)

فيتو


كثيرا ما نمر من أمامهم، يتصاعد الدخان وتلتهب الأجواء من حولهم، ذرات الحديد تحل محل الأكسجين، لدرجة أنك يمكن أن تسارع في خطواتك حتى لا تتصاعد تلك الذرات نحو أنفك، فتجلب لك أمراضا لا نهاية لها، فهل سألت نفسك يوما كيف تبدو الأوضاع بالداخل ؟!
كيف يستطيع هؤلاء أن يقضوا قرابة ثماني ساعات بين ذرات الحديد، وألسنة اللهب التي لا تنطفئ، طعامهم وشرابهم بالداخل، كأنهم في منفى يفصلهم عن العالم المحيط، يبدون كأنهم "رجال الحديد"، أبطال أفلام الكارتون والأساطير الطفولية الخارقة.

يبدأ "عم أحمد" عمله في الساعة السابعة صباحا، منذ 27 عاما، يأتي إلى هناك حيث ورشة خراطة الحديد في منطقة شبرا الخيمة بالقاهرة، انتقل من ورشة لأخرى في بداية حياته، حتى استقر به المقام في هذه الورشة، كان يعمل قبلها في شركة حكومية وتركها بعد أن سوى "معاش مبكر"، ليتفرغ لهذه المهنة، "المهنة دي صعبة جدا، لكن أنا بحبها لأن خطورتها في صعوبتها دي، والحمد لله مكفياني أنا وأولادي".

أحمد أبو العزيز، 58 عاما، يعمل في مهنة خرط وتقطيع الحديد منذ كان في السابعة، يقول: "من صغري وأنا بشتغل خمسين صنعة، من ميكانيكي لصبي في مطاحن بلدنا في أسيوط"، قبل أن يستقر بي المقام في القاهرة، وفي شبرا الخيمة تحديدا، تعلم الخراطة على يد أحد كبار المهنة، "تزوجت من المهنة دي وخلفت أربع بنات زوجت منهم 3 والحمد لله"، يرى عم أحمد أن هذه المهنة لا تلقى ما تستحقه، فهم على الرغم من الخطورة التي تحيط بهم طوال الوقت، ليس لديهم ضمان حقيقي على حياتهم.

أصغر من في الورشة، أحمد، 16 عاما، عمل بالمهنة منذ ثلاث سنوات، كان قبلها يعمل في أحد محال الجزارة القريب من بيته، "سبت المدرسة من سنة، كنت في إعدادي، واتفرغت للمهنة دي، عايش مع أختي وبصرف عليها وبساعد والدي في مصروفات البيت".

حين كان في الثانية عشرة من عمره، تطوع أحد جيرانه حينما وجد الحال يضيق به، فأشار عليه بالعمل في الورشة، "خراط للحديد"، "كنت داخلها معرفش حاجة، بقيت أقف جنب الأسطى اللحام أسأله ده إيه لحد ما بقيت محترف"،27 عاما هو عمر "عواد"، قضى 15 عاما بين قطع الحديد الصدئة وذراته المتطايرة.



الجريدة الرسمية