رئيس التحرير
عصام كامل

الصغار ملوك الطريق.. شارع السودان يتحول إلى ملعب كبير للتلامذة (صور)

فيتو

منذ أيام قليلة، تسابقت الصحف والمواقع الإخبارية للإعلان عن إغلاق شارع السودان ثلاثة سنوات لإتمام إنشاء محطتى مترو الكيت كات والسودان، وهو القرار الذي تم تنفيذه الجمعة الماضية، وأصبح أمرًا نافذًا لا مفر منه، فقد تم إغلاق الشارع أمام مرور السيارات وتم وضع أحجار بمحاذاة الرصيف، استعدادًا لوضع الحواجز الحديدية لمترو الأنفاق المميزة بألوانها الصفراء والخضراء فوق هذه الأحجار.


وبينما يتأثر سلبًا من يتأثر ويعجب لطول المدة من يعجب، كان لدى أطفال مدرسة "الصنايع" ومدرستى جواد حسنى الابتدائية اللتين تقعان في الجزء المغلق من شارع السودان رأيًا آخر في الأمر، فقد كان بالنسبة لهم خير خبر ظلوا به يحتفون ويحتفلون، فبسبب قرار إغلاق الشارع هذا تحول الطريق، الذي لطالما كان يمثل لهم ولأولياء أمورهم خطرًا دائمًا بسبب سرعة السيارات والميكروباصات والموتوسيكلات التي تمر من خلاله، إلى ساحة مؤقتة للعب والانطلاق، ليصبح الشارع حرفيًا لهم، ويتحول الطريق الخطر بين عشية وضحاها إلى مركز شباب مجانى في الهواء الطلق يمارسون فيه كل أنواع الرياضة المفضلة لهم، ويستغلون كل دقيقة للاستمتاع به قبيل تطويق الطريق المفتوح بالحواجز الحديدية استعدادًا لبدء العمل به.



 الطريق الذي كان يضج بالسيارات أصبح خاليًا مثاليًا للعب

لم يكن حمزة صبحي، الطالب بالصف السادس الابتدائى بمدرسة جواد حسني الابتدائية، يتخيل ولو للحظة أن يتحول الطريق الذي لطالما أرقه هو وأسرته أثناء ذهابه وإيابه من وإلى المدرسة لأرض فضاء ساكنة إلا من صوت أصدقائه أثناء اللعب، لذا فكان مشهد إغلاق الطريق المؤدى لمدرسته ومنها إلى ميدان الكيت كات وكورنيش النيل من أسعد المشاهد على قلبه، فيقول: "يوم الخميس اللى فات بس كانت العربيات ما بتخلصش وكنا بنطلع من المدرسة ونروح على طول.. دلوقتى بقى الطريق ملعبنا ونفسي يفضل كده على طول".



حمزة: الطريق بقى ملعبنا ونفسي يفضل كده على طول

منذ إغلاق الشارع وبالرغم من اقتراب الامتحانات، يحرص حمزة على التواجد في المدرسة ليتمتع قدر الإمكان باللعب في هذه المساحة الذي أتاحها القدر له ولزملائه، وكانت كرة القدم دائمًا هي اختياره الأول هو وعدد كبير من الصغار الذين انتشروا في بحر الطريق منقسمين إلى فرق عدة وجميعهم يلعبون دون خوف أو خشية، يحاولون الاستمتاع قدر الإمكان قبيل إغلاق هذه المساحة وتطويقها بالحواجز الحديدية.



 كرة القدم.. معشوقة الطلاب واختيارهم الأول في اللعب بالشارع المغلق

بينما يتنافس الطلاب في مبارايات كرة القدم، دخل آخرون في سباق للدراجات التي يتناوبون على ركوبها، ووسط الضحكات قال خالد حماد، الطالب بالصف الثانى الابتدائى في المدرسة ذاتها: "أنا مبسوط جدًا.. دى أحلى حاجة حصلت السنة دى.. أنا هفضل ألعب هنا لحد آخر يوم قبل الامتحانات".



سباق للدراجات في الجزء المغلق من شارع السودان

أما أحمد محمد ياسين، ذو الـ8 سنوات، فقد اختار هو وأصدقاؤه أن يستغلوا الشارع المغلق في لعبة أخرى، حيث رسموا بالطباشير على الأرض لعبة "الأولى" ليطلقوا العنان لأجسادهم فتقفز في الهواء وتسعد، ويقول: "أنا بحب الأولى وبحب ألعبها والأرض هنا ساعدتنى أرسمها براحتى وكمان مفيش عربيات فبلعب وأنا مش خايف.. يارب الطريق يفضل كده لحد ما نطلع ونروح إعدادى".



 أحمد: أنا بحب الأولى وبحب ألعبها والأرض هنا ساعدتنى أرسمها براحتى

أما هؤلاء ممن يركضون وراء أطر السيارات، فيؤكدون أن إغلاق الطريق أمام السيارات "أكبر فرحة"، وأنهم منذ إغلاق الطريق أصبح اللعب طقسهم اليومي بعد انتهاء يومهم الدراسي، ويؤكدون: "كل يوم بنطلع نجرى ونلعب وأهلنا بيبقوا عارفين ومتطمنين"، هذا ما أكده حسن، الطالب بالصف الثالث الابتدائى.


 منذ إغلاق الطريق واللعب طقس يومي لكثير من الطلاب

وبالرغم من أن الصغار من الفتيان كانوا هم ملوك الطريق، إلا أن الفتيات تمكن من إيجاد مساحة صغيرة لهن للركض والانطلاق في إطار نطاقهن الضيق، وفرحتهن بإغلاق الطريق كانت بادية على ملامحهن.

"أنا بلعب دلوقتى براحتى مع أصحابي من غير ما أخاف من العربيات، آه لسه في موتوسيكلات بس مش زي الأول ودى حاجة مفرحانى"، هذا ما أكدته "ملك ماجد" التلميذة في الصف الرابع الابتدائي، بعدما انتهى قلقها من تعرضها هي أو إحدي صديقاتها لحادث أمام المدرسة بعد إغلاق الشارع أمام السيارات وقريبًا الموتوسيكلات.



البنات و"الصبيان" اجتمعوا على اللعب والانبساط بعد إغلاق الشارع

وكانت فرحة عفاف محمد، الصغيرة ذات الـ8 سنوات، مضاعفة، فقد سبق وأن تعرضت لحادث بسبب سائق موتوسيكل طائش، وتضيف: "أنا فرحانة أوى إن الطريق الوحش ده اتقفل وان الموتوسيكلات عددها قل لأنى اتعورت جامد لما خبطني واحد"، وتؤيدها في الفرحة "فرح" التي لن تنسي يومًا حينما "طارت" في الهواء بسبب موتوسيكل صدمها أثناء عبورها الطريق بعد خروجها من المدرسة، ولن تغفل ذاكرتها الآلام التي عانت منها إثر هذا الحادث، لذا وبالرغم من أن الموتوسيكلات لا تزال تمر في الطريق حتى الآن، إلا أن خوفها انحسر مع الغياب التام للسيارات وسيطرة الأطفال والمارة على الشارع، حتى الموتوسيكلات أصبحت رؤيتها واضحة للصغار وتضاعفت إمكانية تفاديها.



عفاف: فرحانة إن الطريق اتقفل وعدد الموتوسيكلات قل عشان ما اعملش حادثة تانى

اكتملت سعادة الأبناء بفرحة أولياء أمورهم، الذين يشعرون حاليًا بأمان تام بعدما أصبح الشارع خاليًا - مؤقتًا - من السيارات، فأبنائهم يمكنهم الآن المرور بأمان، وهذا ما أكدته والدة ندى، إحدى طالبات مدرسة جواد حسني الابتدائية، بينما تراقب ابنتها وزميلاتها الصغار وهن يلعبن جنبًا إلى جنب مع زملاؤهم "الصبيان"، ليصبح الجزء المغلق من شارع السودان الذي كان يعج يومًا بالسيارات وضوضائها إلى أكثر الأماكن أمانًا للصغار ومأوى لألعابهم وانطلاقهم ومصدرًا لفرحهم.


 فرحة أطفال المدارس بإغلاق شارع السودان
الجريدة الرسمية